169

Rawdat al-muḥibbīn wa-nuzhat al-mushtāqīn

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

Editor

محمد عزير شمس

Publisher

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Edition Number

الرابعة

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الرياض وبيروت

Genres

Sufism
وفصل الخطاب بين الفريقين أنَّ الجماعَ [٣٥ أ] الحرامَ يُفسِدُ الحبَّ، ولابدَّ أن تنتهيَ المحبَّةُ بينهما إلى المعاداة والتباغُض والقِلى، كما هو مشاهَدٌ بالعيَانِ، فكلُّ محبَّةٍ لغير الله آخرُها قِلًى وبغضٌ فكيف إذا قارنَها ما هو من أكبر الكبائر؟ وهذه عداوةٌ بين يدَي العداوة الكبرى التي قال الله تعالى فيها: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف/ ٦٧]. وسنذكر (^١) إن شاء الله تعالى مَنْ ظَفِرَ بمحبوبه، وترك قضاء وَطَرِه منه رغبةً في بقاء محبَّته، وخشية أن تنقلب قِلًى وبغضًا (^٢)، في الباب (^٣) الموعود به؛ فإنَّ ذلك أليقُ به.
وأمَّا الجماعُ المباحُ فإنَّه يزيدُ الحبَّ؛ إذا صادفَ مرادَ المحبِّ، فإنَّه إذا ذاق لذَّته وطَعْمَه؛ أوجب له ذلك رغبةً أُخرى لم تكن حاصلةً قبل الذَّوق. ولهذا لا يكاد البِكْران يصبرُ أحدُهما عن الآخر، هذا ما لم يَعْرِض للحبِّ ما يُفسده، ويُوجب نقلَه إلى غيرِ المحبوب.
وأمَّا ما احتجَّ به الآخرون فجوابُه: أنَّ الشهوةَ والإرادة (^٤) لم تُطْفَأْ نارُها بالكليَّة، بل فترت شهوةُ ذلك الوقت، ثم تعودُ أمثالها (^٥)، وإنَّما

(^١) ت: «سيذكر».
(^٢) ت: «بعضة».
(^٣) «الباب» ساقطة من ت.
(^٤) ت: «اللذاذة».
(^٥) ت: «آمالها».

1 / 142