133

Rawdat Muhibbin

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

Investigator

محمد عزير شمس

Publisher

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Edition Number

الرابعة

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الرياض وبيروت

Genres

Sufism
متشاكلتين [٢٦ ب] في أصل الخِلقة، فينجذب كلٌّ منهما إلى الأخرى بالطبع، وقد يقعُ الانجذاب والميلُ بالخاصِّيَّةِ، وهذا لا يُعلَّل، ولا يُعرَف سَبَبُه، كانجذاب الحديد إلى الحجر المِغْنَاطيس. ولا ريبَ أنَّ وقوعَ هذا القَدْر بين الأرواح أعظمُ من وقوعه بين الجمادات، كما قيل: محاسنُها هَيُولى كلِّ حسنٍ ... ومِغْنَاطيسُ أَفْئِدَةِ الرِّجال وهذا الذي حَمَلَ بعضَ الناس على أن قال: إنَّ العشقَ لا يقفُ على الحُسْن والجمال، ولا يلزمُ من عَدَمِهِ عَدَمُه، وإنما هو تشاكُل النفوسِ وتمازُجُها في الطباع المخلوقة فيها، كما قيل (^١): وما الحُبُّ من حُسْنٍ ولا مِنْ مَلاحةٍ ... ولكنَّه شيءٌ به الرُّوح تَكْلَفُ قال هذا القائل: فحقيقتُه أنَّه مِرْآة يُبْصرُ فيها المحبُّ طباعَه وَرِقَّته في صورة محبوبه، ففي الحقيقة لم يحبَّ إلا نفسه وطباعَه ومُشاكِلَه. وقال بعضُهم لمحبوبه: صادفتُ فيك جوهرَ نفسي، ومُشَاكِلَتَها (^٢) في كلِّ أحوالها، فانبعثتْ نفسي نحوَك، وانقادتْ إليك، وإنَّما هويتُ نفسي.

(^١) البيت لمحمد بن داود الظاهري في «مصارع العشاق» (٢/ ٥٨)، و«ذم الهوى» (ص ٣٠٢)، و«ديوان الصبابة» (ص ٢٥٨)، و«تزيين الأسواق» (٢/ ٥٩). وبلا نسبة في «التمثيل والمحاضرة» (ص ٢١٢). (^٢) ت: «مشاكلها».

1 / 106