121

Rawdat Muhibbin

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

Investigator

محمد عزير شمس

Publisher

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Edition Number

الرابعة

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الرياض وبيروت

Genres

Sufism
والحركة الاختيارية أصلُها الإرادة، والقسريةُ والطبيعيةُ تابِعتان لها، فعاد الأمر إلى الحركة الإرادية. فجميعُ حركات العالم العلويِّ والسُّفليِّ تابعةٌ للإرادة والمحبَّة، وبها تحرَّك العالمُ، ولأجلها، فهي العلَّةُ الفاعليَّة والغائيّة، بل هي التي بها ولأجلها وُجدَ العالمُ، فما تحرَّك في العالم العُلويِّ والسفليِّ حركةٌ إلا والمحبَّة (^١) سببُها وغايتُها، بل حقيقةُ المحبَّة حركة نفس المحبِّ إلى محبوبه، فالمحبَّة حركةٌ بلا سكون. وكمالُ المحبَّة هي العبودية، والذلُّ، والخضوعُ، والطَّاعة للمحبوب، وهو الحقُّ الذي به وله خُلِقَت السموات والأرض، والدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الحجر/٨٥]، وقال: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ [ص/٢٧]، وقال: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ [المؤمنون/١١٥]. والحقُّ الذي خُلِق به ولأجله الخلقُ هو عبادة الله وحده، التي هي كمالُ محبته والخضوعُ والذُّلُّ له، ولوازم عبوديته من الأمر والنهي والثواب والعقاب، ولأجل ذلك أرسلَ الرسلَ، وأنزل الكتبَ، وخلقَ الجنَّة والنار. والسمواتُ والأرضُ إنما قامت بالعدل الذي هو صراط الله الذي هو عليه، وهو أحبُّ [٢٣ ب] الأشياء إليه. قال تعالى حاكيًا عن نبيّه

(^١) ش: «والإرادة».

1 / 94