103

Rawdat Muhibbin

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

Investigator

محمد عزير شمس

Publisher

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Edition Number

الرابعة

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الرياض وبيروت

Genres

Sufism
وهو: أنَّه يحبُّ عبدَه بعد المغفرة، فيغفرُ له ويحبُّه، كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾ [البقرة/٢٢٢]، فالتائب حبيبُ الله. فالودُّ: أصفى الحبِّ وألطفُه.
فصل
وأمَّا الخُلَّة: فتوحيدُ المحبَّة، فالخليل هو الذي يُوَحِّدُ حبَّه لمحبوبه، وهي مرتبةٌ (^١) لا تقبلُ المشاركة، ولهذا اختصَّ بها في العالم الخليلان إبراهيم ومحمدٌ صلوات الله وسلامه عليهما، كما قال الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء/١٢٥]، وصحَّ عن النبي ﷺ -أنه قال: «إنَّ الله اتَّخَذني خَلِيلًا كمَا اتخَذَ إبْرَاهيمَ خَلِيلًا» (^٢).
وفي الصحيح (^٣) عنه ﷺ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأرْض خَلِيلًا لاتَّخَذتُ أبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الرَّحْمنِ».
وفي الصحيح أيضًا (^٤): «إنِّي أَبْرَأُ إلى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ».
ولمَّا كانت الخُلَّة مرتبةً لا تقبل المشاركة؛ امتحنَ الله سبحانه إبراهيمَ الخليل بذبح ولده لمَّا أخذَ شعبةً من قلبه، فأرادَ سبحانه أن يُخْلِصَ تلك الشعبة له، ولا تكون لغيره، فامتحنَه بذبح ولده، والمراد

(^١) ش: «رتبة».
(^٢) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب بن عبد الله.
(^٣) أخرجه مسلم (٢٣٨٣) من حديث ابن مسعود.
(^٤) ضمن الحديث السابق برواية أخرى.

1 / 76