85

Rawda Nadiyya

الروضة الندية

Publisher

دار المعرفة

يقتضي عدمها عدمه وأركانه كذلك لأن عدم الركن يوجب عدم وجود الصورة المأمور بها على الصفة التي اعتبرها الشارع وما كان كذلك لا يجزئ إلا أن يقوم دليل على أن مثل ذلك الركن لا يخرج الصورة المأمور بها عن كونها مجزئة كما يقول بعض أهل العلم في الاعتدال وقعود التشهد وإن كان الحق خلاف ما قال وأما الواجبات فغاية ما يستفاد من دليلها وهو مطلق الأمر أن تركها معصية لا أن عدمها يستلزم عدم الصورة المأمور بها إذا تقرر هذا لاح لك أن هذه الفروض المعدودة في هذا الباب متوافقة في ذات بينها والفرض والواجب مترادفان على ما ذهب إليه الجمهور وهو الحق وحقيقة الواجب ما يمدح فاعله ويذم تاركه والمدح على الغعل والذم على الترك لا يستلزمان البطلان بخلاف الشرط فإن حقيقته ما يستلزم عدمه عدم المشروط كما عرفت فاحفظ هذا التحقيق تنتفع به في مواطن وقع التفريع فيها مخالفا للتأصيل وهو كثير الوجود في مؤلفات الفقهاء من جميع المذاهب وكثيرا ما تجد العارف بالأصول إذا تكلم في الفروع ضاقت عليه المسالك وطاحت عنه المعارف وصار كأحد الجامدين على علم الفروع إلا جماعة منهم ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ إلا قعود التشهد الأوسط لكونه لم يأت في الأدلة في ما يدل على وجوبه بخصوصه كما ورد في قعود التشهد الأخير فإن الأحاديث التي فيها الأوامر بالتشهد قد اقترنت بما يفيد أن المراد التشهد الأخير فإن قلت: قد ذكر التشهد الأوسط في حديث المسيء كما في رواية لأبي داود من حديث رفاعة ولم يذكر فيه التشهد الأخير قلت: تقوم الحجة بمثل ذلك ولا يثبت به التكليف العام والتشهد الأخير وإن لم يثبت ذكره في حديث المسيء فقد وردت به الأوامر وصرح الصحابة بافتراضه وقد أوضح ذلك شيخنا العلامة الشوكاني في حاشية الشفاء إيضاحا حسنا فلتراجع. "والاستراحة" لكونه لم يأت دليل يفيد وجوبها وذكرها في حديث المسيء وهم كما صرح بذلك البخاري، ولا يجب من أذكارها أي الصلاة إلا التكبير لقوله تعالى: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ ولقوله صلى الله وسلم عليه في حديث المسيء: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" ولما ورد من أن تحريم الصلاة التكبير. أقول: تعيين التكبير للدخول في الصلاة محكم صريح لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:

1 / 86