Al-Rawḍ al-Zāhir fī sīrat al-malik al-Ẓāhir
الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر
ورحلوا إلى سيس، فأخربوها وجعلوها خاوية على عروشها، وأصبح عاليها سافلها ؛ وأقامت الغساكر أيام تحرق وتقتل وتأسر، وتوجه الأمير عز الدين أو غان إلى جهة الروم ؛ والأمير سيف الدين قلاون الألفي إلى المصيصة وأذنة واياس وطرسوس، فقتلوا واحرقوا وهدمت قلعة الديوية المعروفة بالنيات، وحرقت لهم أماكن كثيرة، من حصون وبلاد، وهدمت.
هذا وصاحب حماه مقيم في سيس ؛ ولما عادت العساكر اجتمعت وغنمت، وقيد الملك ليفون، وابن عمه، وغنمت العساكر ما لا يعد ولا يحصى حتى بيع الرأس البقر بدر همين، ولا يوجد من يشتريه، وكانت ذبائح العسكر في كل يوم جملة من البقر والجاموس والأغنام، واستاقت العساكر الغنائم.
ولما وردت هذه الأخبار إلى السلطان، كان في الصيد بجرود، أعطى المبشر ألف دينار ؛ ودخل السلطان دمشق، فتجهز وخرج، فعيد في حماه، وسار منها إلى أفامية، ورحل منها للقاء العساكر في ثالث عشر ذي الحجة ؛ وكان قد أخرج نصيب السلطان من الغنائم، فلما التقته العساكر فرق ذلك على عساکره، وأحسن إلى صاحب سیس ومن معه في الأسر.
وعاد السلطان إلى دمشق في رابع وعشرين ذي الحجة، فدخلها مطلبة وصاحب سيس، وابن عمه، وأصحابه، بين يديه، وخلع على الملوك والأمراء الشامية والقدمين. وسير لصاحب حماه الخيول والأموال والخلع له ولجميع أصحابه، وودعه وتوجه إلى مملكته. وامتلأت دمشق بالمكاسب وبيع من الجواهر والحلي والرقيق والحرير ما لا يحصى ؛ وما تعرض السلطان إلى شيء من ذلك.
Page 271