120

Rawḍ al-jinān fī sharḥ Irshād al-adhhān

روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان

لما تقدم من أن الصعيد وجه الأرض والحجر أرض إجماعا كما نقله في المعتبر ولأنه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فإفادتاه استمساكا ويتناول الحجر جميع أنواعه من رخام وبرام وغيرهما ورد بذلك على الشيخ وجماعة حيث شرطوا في جواز استعماله فقد التراب استنادا إلى أن المراد بالصعيد في الآية التراب كما هو أحد التفسيرين عند أهل اللغة والحجر ليس بتراب وجوابه إنا قد بينا أن المراد بالصعيد الأرض وهو من جملة أصنافها ولأنه لو لم يكن الحقيقة باقية فيه لم يكن التيمم به مجزيا عند فقد التراب كالمعدن والتالي باطل إجماعا ولا يعارض بالتيمم بالوحل ونحوه لدخوله بنص خاص بخلاف الحجر وفي حكمه الخزف لعدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض كالحجر وإن خرج عن اسم التراب خلافا لابن الجنيد والمحقق في المعتبر مع تجويزها التيمم بالحجر وهو أقوى خروجا عن اسم التراب وهذا الخلاف غير جار في السجود عليه لان باب السجود أوسع من باب التيمم ولاجماعهم على أن محله الأرض لا التراب وقد تقرر أن الحجر من أصنافها وقد أجمعوا على جواز السجود عليه وهو أقوى بعدا عن التراب من الخزف وصرح المحقق في المعتبر بجواز السجود عليه مع منعه من التيمم به بناء على خروجه بالطبخ عن اسم الأرض قال المصنف في التذكرة وهو ممتنع ولهذا جاز السجود عليه (وهو ممنوع صح) ويكره التيمم بالسبخة بالتحريك والتسكين وهي الأرض المالحة النشاشة على أشهر القولين لأنها أرض ومنع ابن الجنيد من التيمم بها لأنها استحالت فأشبهت المعادن وهو ممنوع نعم لو علاها الملح لم يجز حتى يزيله وعرفها المصنف في النهاية بأنها التي لا تنبت وهو بعيد والرمل لشبهه بأرض المعدن ووجه الجواز إطلاق اسم الأرض عليه لو فقده أي جميع ما تقدم ولا يجوز عود الضمير إلى التراب لأنه أخص مما يجوز عليه التيمم والأرض مؤنثة سماعية إلا يحسن عود الضمير إليها تيمم بغبار ثوبه ولبد سرجه وعرف دابته مخيرا في ذلك إلا أن يختص أحدها بكثرة الغبار فيتعين وذكر الثلاثة لكونها مظنة للغبار لا للحصر فلو كان معه بساط وما شاكله فما يجمع الغبار تيمم به لقول الصادق عليه السلام فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شئ مغبر ويجب نفض محل الغبار حتى يعلو ظاهره ويضرب عليه إلا أن يتلاشى به فيقتصر على الضرب عليه ولو فرض عدم الغبار فيها أصلا لم يجز الضرب عليها لأن الاعتبار بالغبار لا بها ومن هنا ضعف قول الشيخ بتقديم غبار عرف الدابة والسرج على الثوب وابن إدريس بالعكس ويشترط كون الغبار من جنس ما يصح التيمم به كغبار التراب لا غبار الدقيق وشبهه ولو فقد الغبار تيمم بالوحل كما تقدم فلو قدمه على الغبار لم يصح لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فيبقى في العهدة واعلم أن التيمم لا يجوز قبل وقت الموقتة إجماعا ولأنه طهارة ضرورية ولا ضرورة قبل دخول الوقت لعدم التكليف حينئذ ويجوز بل يجب فعله مع الضيق إجماعا ولأنه لولاه لزم الاخلال بالصلاة والمراد بالضيق أن لا يبقى من الوقت سوى مقدار فعل الصلاة وما لا بد منه فيها وهل يجوز فعله في حال السعة أقوال ثلاثة أحدها وهو المشهور خصوصا بين القدماء حتى ادعى الشيخ والسيد المرتضى عليه الاجماع المنع منه مطلقا ومستنده مع الاجماع المقبول ما نقل منه بخبر الواحد فضلا عن نقل هذين الامامين صحيحة محمد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد الماء وأردت التيمم فآخر التيمم إلى آخر الوقت فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض والامر للوجوب وحسنة زرارة عن أحدهما عليهما السلام إذا لم يجد المسافر ماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فلتيمم وليصل في آخر الوقت والامر للوجوب أيضا وتأينها جوازه مع السعة مطلقا واختيار الصدوق لعموم فلم تجدوا ماء وقوله صلى الله عليه وآله أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت ودلالة أخبار صحيحة على عدم إعادة واجد الماء في الوقت وهو مستلزم للتيمم مع السعة كصحيح زرارة عن الباقر

Page 121