112

Rawḍ al-jinān fī sharḥ Irshād al-adhhān

روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان

يصنع به قال السقط يدفن بدمه في موضعه وليس في الخبر ذكر الخرقة بل ظاهره أنه يدفن مجردا لكن ما اختاره المتأخرون أولى بل يظهر من المصنف دعوى الاجماع عليه ويؤمر من وجب قتله بالاغتسال أولا غسل الأموات بالخليطين وكذا بالتحنيط والتكفين ثم لا يغسل بعد موته بذلك السبب الذي اغتسل له ووجوب القتل في العبارة أعم من أن يكون في حد أو قصاص والنص عن الصادق عليه السلام في خبر مسمع ورد في المرجوم والمرجومة أنهما يغتسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك والمقتص منه بمنزلة ذلك فالحقه الأصحاب به والامر له هو الامام أو نائبه قال في الذكرى ولا نعلم في ذلك مخالفا من الأصحاب فلا يضر حينئذ ضعف طريق الرواية إلى مسمع وإنما وجب عليه تكرار الاغتسال مع أنه حي لان المأمور به غسل الأموات غايته أنه مقدم بدليل التحنيط والتكفين بعده مع احتمال الاكتفاء بغسل واحد لما ذكر ولأن الامر لا يقتضى التكرار وإنما لم يغسل بعد ذلك للامتثال ولا يقدح في الاجتزاء به الحدث تخلل أو تأخر للامتثال واحتمل في الذكرى إلحاقه بغسل الجنابة في الحدث المتخلل ولا يدخل تحته شئ من الأغسال الواجبة بل يتعين فعل ما وجب منها أما عدم دخولها تحته فلعدم نية الرفع أو الاستباحة فيه وأما عدم دخوله تحتها فللمغايرة كيفية وحكما وتردد في الذكرى لظاهر الأخبار الدالة على الاجتزاء بغسل واحد كخبر زرارة عن الباقر عليه السلام في الميت جنبا يغسل غسلا واحدا يجزى للجناية ولغسل الميت ولأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة والخبر ليس مما نحن فيه في شئ ويمنع اجتماع الحرمتين لأصالة عدم تداخل المسببات مع اختلاف الأسباب وتداخلها في بعض الموارد لنص خاص وفي تحتمه عليه أو التخيير بينه وبين غسله بعد الموت لقيامه مقامه نظر هذا بالنسبة إلى الامر أما المأمور فيجب عليه امتثال الامر إن وجد ولو سبق موته قتله أو قتل بسبب آخر لم يسقط الغسل سواء بقي الأول كالقصاص مع ثبوت الرجم أم لا كما لو عفى عن القود لوجوب تجديده حينئذ وأصالة عدم إجزاء الغسل للسبب الاخر ولا يجب الغسل بعد موته لقيام الغسل المتقدم مقام الغسل المتأخر عن الموت لاعتبار ما يعتبر فيه ولا يرد لزوم سبق التطهير على النجاسة لان المعتبر أمر الشرع بالغسل وحكمه بالطهر بعده وقد وجد الأمران وليست نجاسة الميت بسبب الموت عينية محضة وإلا لم يطهر فعلم من ذلك أن تقديم الغسل يمنع من الحكم بنجاسته بعد الموت لسقوط غسله بعده وما ذلك إلا لعدم النجاسة ولما فرغ من أحكام الأسباب الخمسة للغسل شرع في حكم السبب السادس وهو المس وأدرجه في غسل الأموات لقلة أحكامه ولأن غسل المس من لوازم تغسيل الميت غالبا فبيان أحكامه كالمتمم لاحكام غسل الأموات فقال ومن مس ميتا من الناس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل أو مس قطعة ذات عظم أبينت منه أي من الميت أو أبينت من انسان حي وجب عليه أي على اللامس لواحد مما ذكر الغسل على أشهر القولين واحترز بالبرد عما لو مسه في حال حرارته الباقية عقيب خروج روحه فإنه لا غسل إجماعا وهل يجب عليه غسل ما مسه به قيل لا لعدم القطع بنجاسته حينئذ وأصالة البراءة ولأن نجاسته ووجوب الغسل متلازمان إذ الغسل لمس النجس وهو اختيار الشهيد رحمه الله واختار المصنف الوجوب للحكم بأن الميت نجس وأجاب في الذكرى بأنا إنما نقطع بالموت بعد البرد وفيه نظر لمنع عدم القطع قبله ولا لما جاز دفنه قبل البرد ولم يقل به أحد خصوصا صاحب الطاعون وقد أطلقوا الفول باستحباب التعجيل مع ظهور علامات الموت وهي لا تتوقف على البرد مع أن الموت لو توقف القطع به على البرد لما كان لقيد البرد فائدة بعد ذكر الموت ونمنع التلازم بين نجاسته ووجوب الغسل لان النجاسة علقها الشارع على الموت والغسل على البرد وكل حديث دل على التفصيل بالبرد وعدمه دل على صدق الموت قبل البرد كخبر معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام إذا مسه وهو مسخن فلا غسل عليه وإذا برد فعليه الغسل فإن ضمير مسه يعود

Page 113