151

Rawaic Tafsir

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

Publisher

دار العاصمة

Edition Number

الأولى ١٤٢٢

Publication Year

٢٠٠١ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

وكبريائِه، وما يستحقُّه من الجلال والإكرامِ والإجلال والإعظامِ. والثاني: أن علمَهُ باللَّهِ مستندٌ إلى عينِ اليقينِ؛ فإنَّه رآهُ، إما بعينِ بصرِه. أو بعينِ بصيرتِه. كما قالَ ابنُ مسعودٍ وابنُ عباسٍ وغيرُهما: رآه بفؤادِه مرتينِ.. وعلمُهم به مستندٌ إلى علمِ يقينٍ، وبينَ المرتبتينِ تباينٌ. ولهذا سألَ إبراهيمُ ﵇ ربَّه أن يرقيه من مرتبةِ علمِ اليقينِ إلى مرتبةِ عينِ اليقينِ، بالنسبةِ إلى رؤيةِ إحياءِ الموتى، وقد سبقَ التنبيهُ على ذلكَ والكلامُ في تفاصيل المعرفةِ القائمةِ بالقلبِ. فلمَّا زادتْ معرفةُ الرسولِ بربِّه، زادتْ خشيتُه له وتقواه، فإنَّ العلمَ التامَّ يستلزمُ الخشيةَ، كما قالَ تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) . فمن كان باللَّهِ وبأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه وأحكامِه أعلم، كان له أخشى وأتقى، وإنَّما تنقص الخشيةُ والتقوى بحسبِ نقصِ المعرفةِ باللَّهِ. وقد خرَجَ البخاريُ في آخرِ: "صحيحِهِ " عن مسروقٍ، قالَ: قالتْ عائشةُ: صنعَ النبيُّ ﷺ شيئًا، ترخَّصَ فيه، وتنزَّه عنه قومٌ، فبلغ ذلك النبيَّ ﷺ، فحَمِدَ اللَّهَ، ثمَّ قالَ: "ما بالُ أقوامٍ يتنزَّهون عن الشيءِ أصنَعُه، فواللَّهِ؛ إنِّي لأعلمُهُم باللهِ وأشدُّهم له خشيةً". وفي "صحيح مسلم" عن عائشةَ، أنَّ رجلًا قالَ لرسولِ اللَهِ ﷺ: يا رسولَ اللهِ إني أصبحُ جنبًا، وأنا أريدُ الصيامَ. فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: "وأنا أصبحُ جنبًا، وأنا أريدُ الصيامَ، فأغتسلُ وأصومُ ".

1 / 174