129

Rawaic Tafsir

روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي)

Publisher

دار العاصمة

Edition Number

الأولى ١٤٢٢

Publication Year

٢٠٠١ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

شاء اللَّهُ أجابهُ، وإن شاءَ ردَّه. وقد يكون الإصرارُ مانعًا من الإجابةِ، وفي "المسندِ" من حديثِ عبدِ اللَّهِ ابنِ عمرٍو مرفوعًا: "ويلٌ للذينَ يُصرُّون على ما فعلُوا وهم يَعلَمون ". وخرَّج ابنُ أبي الدنيا من حديثِ ابنِ عباسٍ مرفوعًا: "التائبُ من الذَّنبِ كمن لا ذنبَ لهُ، والمستغفرُ من ذنبٍ وهو مُقيم عليه كالمستهزئِ بربِّهِ " ورَفعُه منكر، ولعلَّه موقوف. قال الضحاكُ: ثلاثة لا يُستجاب لهم، فذكرَ منهُم: رجل مقيم على امرأةِ زِنى كلَّما قَضِى منها شهوتَهُ، قالَ: ربِّ اغفرْ لي ما أصبتُ من فلانةٍ، فيقولُ الربُّ: تحوَّلْ عنها، وأغفرُ لكَ، فأمَّا ما دمتَ مقيمًا عليها، فإنِّي لا أغفرُ لكَ، ورجل عندَهُ مالُ قومٍ يَرى أهلَهُ، فيقول: ربِّ اغفرْ لي ما آكلُ من مالِ فلانٍ، فيقولُ تعالى: ردَّ إليهم مالَهُم، وأغفرُ لكَ، وأمَّا ما لم تردَّ إليهم، فلا أغفرُ لك. وقولُ القائلِ: أستغفرُ اللهَ، معناه: أطلبُ مغفرتَهُ، فهو كقولِهِ اللَهُمَّ اغفرْ لِي، فالاستغفارُ التامُ الموجبُ للمغفرةِ: هو ما قارنَ عدمَ الإصرارِ، كما مدحَ اللَّهُ أهلَهُ، ووعدَهُم المغفرةَ. قال بعضُ العارفينَ: من لم يكنْ ثمرةَ استغفاره تصحيحَ توبتِهِ، فهوَ كاذب في استغفاره، وكان بعضُهم يقولُ: استغفارُنا هذا يحتاجُ إلى استغفارٍ كثيرٍ، وفي ذلكَ يقولُ بعضُهم: أستغفرُ اللَّهَ من أستغفرُ اللَّهَ. . . منْ لفْظَةٍ بَدَرَتْ خالفْتُ معناها

1 / 152