ولو لم يُعْرف السحر لما أمكن الفرق بينه وبين المعجزة، فكيف يكون تعلمه حرامًا وقبيحًا؟
ونقل بعضهم وجوب تعلمه على المفتي حتى يعلم ما يقتل به وما لا يقتل به، فيفتي به في وجوب القصاص» . انتهى.
ثم قال الألوسي: «والحق عندي الحرمة تبعًا للجمهور، إلاّ لداعٍ شرعي، وفيما قاله الإمام الرازي ﵀ نظر:
أمّا أولًا: فلأنا لا ندّعي أنه قبيح لذاته، وإنما قبحه باعتبار ما يترتب عليه، فتحريمه من باب (سد الذرائع) وكم من أمرٍ حَرُم لذلك.
وأمّا ثانيًا: فلأنّ توقف الفرق بينه وبين المعجزة على العلم به ممنوعٌ، ألا ترى أن أكثر العلماء - أو كلّهم - عرفوا الفرق بينهما ولم يعرفوا علم السحر، ولو كان تعلمه واجبًا لرأيت أعلم الناس به الصدر الأول.
وأما ثالثًا: فلأن ما نُقل عن بعضهم غير صحيح، لأنّ إفتاء المفتي بوجوب القَوَد أو عدمه لا يستلزم معرفته علم السحر، لأن صورة إفتائه - على ما ذكره العلامة ابن حجر - إنْ شهد عدلان عرفا السحر وتابا منه أنه يقتل غالبًا قُتل الساحر، وإلاّ لم يُقتل.
وقال أبو حيان: وأما حكم السحر، فما كان منه يُعظّم به غير الله من الكواكب، والشياطين، وإضافة ما يُحدثه الله إليها فهو كفر إجماعًا، لا يحلّ تعلمه ولا العمل به، وكذا ما قصد بتعلمه سفك الدماء، والتفريق بين الزوجين والأصدقاء.
وأما إذا كان لا يعلم منه شيء من ذلك بل يحتمل فالظاهر أنه لا يحل تعلمه، ولا العمل به، وما كان من نوع التخييل، والدّجل، والشعبذة فلا ينبغي تعلمه لأنه من باب الباطل، وإن قصد به اللهو واللعب وتفريج الناس