============================================================
العالية. لا يمدنهم فيها نصبة، ولا يمنهم فيها لغوب(1). فتلك الفرقة الناجية من جميع العالم. وباقي الفرق دعاهم إلى معرفته فصكوا عن سببله واستوحشوا لما ظهر لهم من شبه مجانستهم. فرجعوا الى العالم المنكوس بكفرهم وعجزهم. ورضوا به لجهلهم وغيهم. فكانوا في الجحيم مخلدين وعن معرفة الحق عاجزين: لما كانت الجنة من حيث الحس المحبطة بأنواع الأشجار المتمرة والأمياه الجاري، تعلفت بها أوهامهم وطلبوا العدم الذي ما له حقيقية ولا محصول، إذ عجزوا عن المعاني المعقولات. ولو عرفوا الجنة لسار عوا إليها، وكانوا مخلدين فيها وعلموا أنها موجودة، وأن البارى سبحانه ما احالهم على عدم، بل كان جميع ما أوعدوا به موجودا بوجوده. وأما زعمهم ب " أن الجنة عرضها السموات والأرض"(2) فقد جهلوا معنى هذا القول.
فاذا كان عرضها السموات والأرض فكيف يكون طولها وأين نكون النار منها. ولو عرفوا الطول عرفوا العرض. وكل شبيء طوله أكثر من عرضه. وإذا رجعنا إلى المعاني الحفيقية، وجدنا الجنة هي الدعوة الهادية المهدية، وأنمارها العلوم الإلهية الحفيقية، التي بها يخلصون الموحدون من جهلهم من داء الشرك. وأما معنى الطول والعرض فإن طولها هو العقل الكلي الذي هو قائح الزمان إمام المتقين القائم بالحق ومجرد سيف التوحيد ومفني كل جبار عنيد وكان عرضها منل النفس القابل بالبركات العقل والتأييد الذي كان منه وجود جميع الصور الوحانية كوجود الولد من الأم. وكان عرض كل شيء غير منفصل عن طوله، كذلك كانت
Page 272