============================================================
إن قال قائل: ما بال الأسس المتقدمين لم يدعي في آحد منهم العمنوية إلا في علي ابن آبي طالب من بينهم، فان الدعوى فيه إلى وقتنا هذا؟
قلنا له : تريد ان تعرف الأعصار المتقدمة وكيف هي ومراتبها وقو الاصحابها من ضعفهم، ليبين لك كيف ادعي في علي دون من تقدمه .
علم أيها الطالب المسترشد إلى حقائق الأشياء ان آدم المشار إليه قد كان بله أعصار، وهم الطم والرم والحن والجن والبن. فأما البن فهم قوم قد خلصوا من الشبهات وعرفوا المعبود فعبدوه ، وكان المولى جل ذكره وعز اسمه ظاهرا مرئيا يؤأنس بالأسماء والصفات؛ فلما فاجروا المعبود ومالوا عن الحق وصاحبه وارتكبوا الاهواء في دينهم، احتجب المولى سبحانه عنهم لسوء أعمالهم، واظهر لهم آدم المشار إليه وهو آدم الآدنى؛ نطق الكتاب يصف خلقه انه خلق "من سلالة من طين" [12/23]، وذلك اهه اشار إلى خلق الدين، وكان عند فساد المتقدمين في آديانهم، وآدم الجزئي وآدم الثالث وهو شرخ يخدمون بين يدي آدم الصفاء الكلي والجن قد انعكسوا وحادوا عن المولى جل ذكره، وكان آدم وحزبه، اعني الا الاده الذين هم من حوا، وهم المؤمنون الموحدون الذين لم يحيدوا عن معرفة المولى جل ذكره، ولم يقم آدم بشريعة ظاهرة وبذلك نطق الكتاب حكاية عنه انه "ل" يجد "له عزما" [115/20]، والعزم هو الحتم والقطع والجزم، وهذه صفة الشرع الناموسي وجماعة ذلك العصر منعكسون متبعون آراءهم، وجرت قصة هابيل قابيل والغرائب والعجائب التي حكيت عنهم؛ وآدم الأدنى الجزئي واصحابه في جبل سرنديب يدعون إلى توحيد المولى جل ذكره، وابليس وجنوده قد ملؤوا الآفاق بكفرهم وارتكابهم الأهواء في دينهم
Page 698