============================================================
الضد يقدر على مكاسرة جنوده وشيعته، ويعرف مكره ودقائق حيله ومداخلته، لأن الضد الذي هو حارت لطيف شفاف، تجري قوته مجاري الدم لأن بدؤه واصله من نور العقل، وهو ظلمة عند نور العقل، نور عند غيره، جسماني عند روحانية العقل، روحاني عند غيره، كثيف عند لطافة العقل، لطيف شفاف عند كثافة العالمين؛ ومثل العقل مثل نار لطيف تطرحه في الحطب فيحرقه ويعود النار إلى عنصره ويصير الحطب جمرا، فالجمر كتيف عند لطافة النار، لطيف عند كثافة الحطب، لأنك إذا تركت الجمر ساعة واحدة اوراك ظلمة الجسد وكبا الون، حتى إذا طرحت عليه الحطب يرجع يشتعل ويعود كاللون الأول لا يقدر أحد يطفيه إلا ان ينطفي وحده، أو يطفيه بالماء العظيم ؛ كذلك اضد الروحاني لطيف شفاف بسبب بدايته من العقل، ظلمة كثيف حيث عصى آمر العقل، فإذا استولى على أفئدة المؤمنين افسدهم" بلطافته التي هي من بداية العقل كلطافة النار المتمكن في الجمر ؛ فإن كان المستجيب ضعيفا بلا قوة، التي هي قوة العلم، لم يزل الضد يعمل في فساده كما يعمل الجمر في الحطب حتى يصيره مثله، ويصيرا جميعا رمادا لا ينتفع بهما، وإن كان المستجيب صحيح اليقين، قوى الحجج في الدين، اطفأ نار الضد بماء الحقائق، ولم يكن للضد عليه سبيل بوجه ولا بسبب.
فقام العقل من خلف الضد، وقام النفس قدامه، فراغ الضد عنهما مينا وشمالا، فاحتاج العقل إلى معين يكون له على يمينه، واحتاج النفس إلى معين يكون له على شماله لينحصر الضد بينهم4 ؛ فانبعث
Page 575