وخاطبها وهي يومئذ لا عجم فيها. فقال:
كنتم خير أمة أخرجت للناس ، فلها فضل هذا الخطاب والأمم طرا داخلة عليها فيه، وأما قوله لبني إسرائيل:
فضلتكم على العالمين (البقرة: 122)؛ فإنه من باب العام الذي أريد به الخاص، كقوله حكاية عن إبراهيم:
وأنا أول المسلمين (الأنعام: 163)، وحكاية عن موسى:
وأنا أول المؤمنين (الأعراف: 143)، وقد كانت الأنبياء قبلهما مؤمنين ومسلمين؛ فإنما أراد موسى زمانه، وكذلك قوله:
فضلتكم على العالمين
يريد على زمانهم، وقوله لقريش:
أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم (الدخان: 37)، ليس فيه دليل على أن أهل اليمن خير من قريش في الحسب، ولا أنهم مثلهم وهم من ولد إبراهيم - عليه السلام - ومن الذرية التي اصطفى الله على العالمين. وليس لليمن والد من الأنبياء دون نوح، وإنما خاطب الله بها مشركي قريش، ووعظهم بمن قبلهم من الأمم الهالكة لمعصيته، وحذرهم أن ينزل بهم مثل ما أصابهم. فقال:
أهم خير
من أولئك الذين كانت فيهم التبابعة والملوك ذوو الجنود، والعدد فأهلكناهم بالذنوب، والخير قد يقع في أسباب كثيرة، يقال هذا خير الفارسين يريد أجلدهما، وهذا خير العودين يريد أصلبهما. وكانت قريش - كما قال الله - قليلا فكثرهم، ومستضعفين فأيدهم بنصره، وخائفين أن تتخطفهم الملوك فآمنهم بحرمه، بما رهصه لهم وأراد من تمكينهم وإعلاء كلمتهم وإظهار نوره لهم، وتغيير ممالك الأمم لهم، ومن ذا من المسلمين يصح إسلامه ويصح عقده يقدم على قريش أو يعادل بها.
Unknown page