وأما كشاجم: فحكيم شاعر، وكاتب ماهر له في التشبيهات غرائب، وفي التأليفات عجائب، يجيد الوصف ويحققه، ويسبك المعنى فيرققه ويروقه.
وأما الصنوبري:
ففصيح الكلام غريبه، مليح التشبيه عجيبه، مستعمل لشواذ القوافي يغسل كدرتها بمياه فهمه الصوافي، فتجلو وتدق وتعذب وترق، وهو وحيد جنسه في صفة الأزهار وأنواع الأنوار. وكان في بعض أشعاره يتخالع وفي بعضها يتشاجع، وقد مدح وهجا ونثر وشجا، وأعجب شعره وأطرب، وشرق وغرب، ومدح من أهل إفريقية أمير الزاب جعفر بن علي، منفق سوق الآداب، فوصله بألف دينار بعثها إليه مع ثقات التجار.
وأما الخبزرزي:
فخليع الشعر ماجنه، رائق اللفظ بائنه، كثيرة محاسنه، صحيحة أصوله ومعادنه، رائقة البزة مائلة إلى العزة، تسليه عن الحب الخيانة، ويروقه الوفاء والصيانة، وله على خشونة خلقه وصعوبة خلقه، اختراعات لطيفة، وابتداعات ظريفة في ألفاظ كثيفة، وفصول قليلة الفضول نظيفة، حتى إن بعض كبراء الشعراء اهتدم أشياء من مبانيه واهتضم طرفا من معانيه، وهو من معاصريه فقل من فطن لمراميه.
وأما أبو فراس بن حمدان:
ففارس هذا الميدان إن شئت ضربا وطعنا أو لفظا ومعنى ملك زمانا وملك أوانا، وكان أشعر الناس في المملكة وأشعرهم في ذل الملكة، وله الفخريات التي لا تعارض والإسريات التي لا تناقض.
وأما المتنبي:
فقد شغلت به الألسن، وسهرت في أشعاره العيون الأعين، وكثر الناسخ لشعره، والآخذ لذكره، والغائص في بحره، والمفتش في قعره عن جمانه ودره، وقد طال فيه الخلف، وكثر عنه الكشف وله شيعة تغلو في مدحه، وعليه خوارج تتعايا في جرحه، والذي أقول: إن له حسنات وسيئات، وحسناته أكثر عددا وأقوى مددا، وغرائبه طائرة، وأمثاله ثائرة، وعلمه فسيح، وميزه صحيح يروم فيقدر، ويدري ما يورد ويصدر.
قال أبو الريان: هذا ما عندي في شعراء المشرق، وقد سميت لي من متأخري شعراء المغرب من لعمري لا يبعد عن معاصرهم، ولا يقصر عن سابقهم.
Unknown page