190

Rasail Bulagha

رسائل البلغاء

Genres

ولعمري ما أشكر من نفسي، ولا أثني على شيء من حسي إلا ظفري بالأقل مما حاولته على ما أضرمته نيران الغربة من قلبي، وثلمته صعقات الفتنة من لبي؛ وقطعت أهوال البر والبحر من خواطري، وأضعفت الوحشة والوحدة من غرائزي وبصائري ، لكن نية القاصد وسعة المقصود أعانا ذا الود على إتحاف المودود.

والله أسأل توفيقا، ينهج لنا الرشد طريقا.

فمنها: قال محمد: وجاريت أبا الريان في الشعر والشعراء ومنازلهم في جاهليتهم وإسلامهم واستكشفته عن مذهبه فيهم، ومذاهب طبقته في قديمهم وحديثهم فقال: الشعراء أكثر من الإحصاء، وأشعارهم أبعد من شقة الاستقصاء.

فقلت: لا أعتبك بأكثر من المشهورين، ولا أذاكرك إلا في المذكورين مثل: الضليل والقتيل، ولبيد وعبيد، والنوابغ والعشوء والأسود بن يعفر، وصخر الغي وابن الصمة دريد، والراعي عبيد، وزيد الخيل، وعامر بن الطفيل، والفرزدق وجرير، وجميل بن معمر وكثير وابن جندل، وابن مقبل، وجرول، والأخطل، وحسان في هجائه ومدحه، وغيلان في ميته وصيدحه، والهذلي أبي ذؤيب، وسحيم ونصيب، وابن حلزة الوائلي، وابن الرقاع العاملي، وعنترة العبسي، وزهير المري، وشعراء فزارة، ومفلقي بني زرارة، وشعراء تغلب ويثرب.

وأمثال هذا النمط الأوسط: الرماح، والطرماح، والطثري والدميني، والكميت الأسدي، وحميد الهلالي، وبشار العقيلي، وابن أبي حفصة الأموي، ووالبة الأسدي، وابن جبلة الحلمي، وأبو نواس الحكمي، وصريع الأنصاري، ودعبل الخزاعي، وابن الجهم القرشي، وحبيب الطائي، والوليد البحتري، وابن المعتز العباسي، وعلي بن العباس الرومي، وابن رغبان الحمصي.

ومن الطبقة المتأخرة في الزمان المتقدمة في الإحسان: أبو فراس بن حمدان، والمتنبي بن عبدان، وابن جدار المصري، وابن الأحنف الحنفي، وكشاجم الفارسي، والصنوبري الحلي، ونصر الخبررزي وابن عبد ربه القرطبي، وابن هانئ الأندلسي، وعلي بن العباس الإيادي التونسي، والقسطلي، قال أبو الريان: لقد سميت مشاهير، وأبقيت الكثير، قلت: بلى ولكن ما عندك فيمن ذكرت؟ قال: أما الضليل مؤسس الأساس، وبنيانه عليه الناس، كانوا يقولون: أسيلة الخد حتى قال أسيلة مجرى الدمع. وكانوا يقولون: تامة القامة وطويلة القامة وجيداء وتامة العنق وأشباه هذا حتى قال: بعيدة مهوى القرط.

وكانوا يقولون: في الفرس السابق يلحق الغزال والظليم وشبهه حتى قال: قيد الأوابد ومثل هذا له كثير، ولم يكن قبله من فطن لهذه الإشارات والاستعارات غيره فامتثلوه بعده. وكانت الأشعار قبل سواذج، فبقيت هذه جددا وتلك نواهج، وكل شعر بعدما خلاها فغير رائق النسج، وإن كان النهج.

وأما طرفة:

فلو طال عمره، لطال شعره، وعلا ذكره، ولقد خص بأوفر نصيب من الشعر، على أيسر نصيب من العمر، فلقد جاء ذلك النصيب بصنوف من الحكمة، وأوصاف من علو الهمة، والطبع، معلم حاذق، وجواد سابق.

وأما الشيخ أبو عقيل:

Unknown page