Rasāʾil al-Shahīd al-Thānī
رسائل الشهيد الثاني
المسافة ولو بالرجوع لزوال حكم السفر السابق فيدخل في عموم النصوص الكثيرة الدالة على اشتراط قصد المسافة في الذهاب خاصة ومما ذكره الأصحاب في انقطاع حكم كل واحد من الذهاب والإياب عن الأخر وان لم يتكمل أحدهما بالآخرة مسألة البلد ذي الطريقين اللتين إحديهما مسافة والاخرى غير مسافة فإنهم حكموا فيها بأنه لو قصدوا لا البعيدة قصر مطلقا لتحقق قصد المسافة في الذهاب فيبقى على القصر إلى أن يتحقق المزيل وهو أحد الأمور المشهورة التي أحدها الوصول إلى البلد فيقصر في العود وإن كان دون المسافة وان سلك الأقرب أولا بقى على التمام فيها و في البلد ويقصر في الرجوع على الابعد خاصة ولا يضم إحديهما إلى الأخرى وهذا كله واضح وقد اتضح لك بحمد الله تعالى ما بين المسئلتين من الاختلاف وما اشتملتا عليه من الاحكام المتعارضة على تقدير اخذهما مطلقتين ولم أظفر إلى الان لاحد من الأصحاب بكلام في مصنف ولا تعليق يقتضى البحث عن ذلك ولا الإشارة إلى ما يوجب الغبار على شئ منهما بل كأنهما متلقاتان بالقبول معدودتان في مسائل السفر من مسائل الأصول نعم وقفت لبعض المتأخرين على تنبيه يسير عند وقوفه على قولهم إنه لو خرج ناوي الإقامة إلى ما دون المسافة عازما على العود من دون الإقامة المتجددة أو على المفارقة فإنه يعود إلى القصر على اختلاف في ابتدائه وحاصله انه ينافي قولهم إن ناوي المقام عشر إذا صلى تماما لا يعود إلى القصر الا بالخروج إلى المسافة ثم أجاب عن التناقض بحمل المسألة المعترض عليها با الخروج من موضع الإقامة إلى ما دون المسافة قبل الصلاة تمام ليتم القولان وهذا محمل فاسد قد عرفت فساده مما تقدم فان الخروج قبل الصلاة تماما لا يتوقف رجوعه إلى القصر على الخروج ولا يجرى فيه الخلاف بالعود إلى القصر بتجاوز حدود البلد وهو موضع خفاء الجدران والاذان أو بمجرد المفارقة فان الرجوع عن النية قبل الصلاة يوجب العود إلى القصر وان لم يخرج بل وان بقى في البلد شهرا كما مر وأيضا لا يستقيم على هذا التأويل
Page 181