Raising Interests and Wisdom in the Legislation of the Prophet of Mercy ﷺ
رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة ﷺ
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
العدد ١١٦،السنة ٣٤
Publication Year
١٤٢٢هم٢٠٠٢م
Genres
الْعَرَب ويقولوا: إِن النَّبِي ﷺ يهدم المقدسات ويغير معالمها، وكنهيه ﷺ أَصْحَابه عَن زجر الإعرابي حَال تبوله فِي الْمَسْجِد خشيَة أَن يُؤَدِّي هَذَا إِلَى نجس مَوَاضِع أُخْرَى فِي الْمَسْجِد وَرُبمَا كَانَ فِيهِ ضَرَر صحي عَلَيْهِ ... إِلَى أَن قَالَ: قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: "النّظر فِي مآلات الْأَفْعَال فِي الْأَحْكَام، اخْتلف النَّاس بزعمهم فِيهَا - وَهِي مُتَّفق عَلَيْهَا بَين الْعلمَاء فافهموها وادخروها"١.
ورد ﵀ على من يهمل هَذِه الْقَاعِدَة بِحجَّة أَن عَلَيْهِ الْعَمَل وَلَيْسَ عَلَيْهِ النتيجة فَقَالَ: (لَا يُقَال إِنَّه قد مرّ فِي كتاب الْأَحْكَام أَن المسببات لَا يلْزم الِالْتِفَات إِلَيْهَا عِنْد الدُّخُول فِي الْأَسْبَاب، لأَنا نقُول - وَقد تقدم أَيْضا - أَنه لَا بُد من اعْتِبَار المسببات فِي الْأَسْبَاب ... وَقد تقدم أَن الشَّارِع قَاصد للمسببات فِي الْأَسْبَاب، وَإِذا ثَبت ذَلِك لم يكن للمجتهد بُد من اعْتِبَار الْمُسَبّب وَهُوَ مآل السَّبَب"٢.
وَقَالَ أَيْضا ﵀ – "وَمن هَذَا الأَصْل - أَي النّظر فِي المآلات - تستمد قَاعِدَة أُخْرَى، وَهِي أَن الْأُمُور الضرورية أَو غَيرهَا من الحاجية أَو التكميلية إِذا اكتنفتها من الْخَارِج أُمُور لَا ترضي شرعا، فَإِن الْإِقْدَام على جلب الْمصَالح صَحِيح على شَرط التحفظ بِحَسب الِاسْتِطَاعَة من غير حرج ... كَطَلَب الْعلم إِذا كَانَ فِي طَرِيقه مناكر يسْمعهَا ويراها، وشهود الْجِنَازَة، وَإِقَامَة وظائف شَرْعِيَّة إِذا لم يقدر على إِقَامَتهَا إِلَّا بمشاهدة مَالا يرضى، فَلَا يُخرج هَذَا الْعَارِض تِلْكَ الْأُمُور عَن أُصُولهَا، لِأَنَّهَا أصُول الدّين، وقواعد الْمصَالح، وَهُوَ الْمَفْهُوم من مَقَاصِد الشَّارِع فَيجب فهمها حق الْفَهم فَإِنَّهَا مثار اخْتِلَاف وتنازع وَمَا ينْقل عَن السّلف الصَّالح مِمَّا يُخَالف ذَلِك قضايا أَعْيَان لَا حجَّة فِي مجردها حَتَّى يعقل مَعْنَاهَا
_________
١ - الْمرجع السَّابِق ٤ / ١٩٥ - ١٩٨.
٢ - الْمرجع السَّابِق ٤ / ١٩٥ - ١٩٦.
1 / 238