Rafc Shubha
رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر
Investigator
أسعد محمد المغربي
Publisher
دار حراء-مكة المكرمة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٠هـ
Publisher Location
السعودية
Genres
Creeds and Sects
تَيْمِية إِن الجهم كَانَ يَقُول لَا أثر لقدرة العَبْد أصلا فِي فعله وَكَانَ يثبت مَشِيئَة الله وينكر أَن يكون لَهُ حِكْمَة رَحْمَة وينكر أَن يكون للْعَبد فعل أَو قدرَة مُؤثرَة قَالَ وَحكى عَنهُ أَنه كَانَ يخرج إِلَى الجذمى وَيَقُول أرْحم الرَّاحِمِينَ يفعل هَذَا إنكارا لِأَن يكون لَهُ رَحْمَة يَتَّصِف بهَا سُبْحَانَهُ زعما مِنْهُ أَنه لَيْسَ إِلَّا مَشِيئَة مَحْضَة لَا اخْتِصَاص لَهَا بحكمة بل يرجع أحد المتماثلين بِلَا مُرَجّح
قَالَ ابْن تَيْمِية وَجُمْهُور أهل السّنة المثبتة للقدر من جَمِيع الطوائف يَقُولُونَ إِن العَبْد فَاعل لفعله حَقِيقَة وَإِن لَهُ قدرَة حَقِيقَة واستطاعة حَقِيقَة وَلَا يُنكرُونَ تَأْثِير الْأَسْبَاب الطبيعية بل يقرونَ بِمَا دلّ عَلَيْهِ الشَّرْع وَالْعقل من أَن الله يخلق السَّحَاب بالرياح وَينزل المَاء بالسحاب وينبت النَّبَات بِالْمَاءِ وَلَا يَقُولُونَ أَن القوى والطبائع الْمَوْجُودَة فِي الْمَخْلُوقَات لَا تَأْثِير لَهَا بل يقرونَ بِأَن لَهَا أثر لفظا وَمعنى لَكِن يَقُولُونَ هَذَا التَّأْثِير هُوَ تَأْثِير الْأَسْبَاب فِي مسبباتها وَالله تَعَالَى خَالق السَّبَب والمسبب وَمَعَ أَنه خَالق السَّبَب فَلَا بُد للسبب من سَبَب آخر يُشَارِكهُ ولابد من معَارض يمانعه فَلَا يتم اثره إِلَّا مَعَ خلق الله لَهُ بِأَن يخلق الله السَّبَب الآخر ويزيل الْمَوَانِع فالمسببات حِينَئِذٍ يجب وجودهَا عِنْد وجود أَسبَابهَا بِمَعْنى أَن الله تَعَالَى يحدثها حِينَئِذٍ ويشاء وجودهَا وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الْأَعْمَال والأقوال والطاعات والمعاصي هِيَ فِي العَبْد بِمَعْنى أَنَّهَا قَائِمَة بِهِ وَحَاصِله بمشيئته وَقدرته وَهُوَ المتصف بهَا والمتحرك بهَا الَّذِي يعود حكمهَا عَلَيْهِ وَهِي من الله تَعَالَى بِمَعْنى أَنه خلقهَا قَائِمَة بِالْعَبدِ وَجعلهَا عملا لَهُ وكسبا كَمَا يخلق المسببات بأسبابها فَهِيَ من الله مخلوقة لَهُ وَمن العَبْد صفه قَائِمَة بِهِ وَاقعَة بقدرته وَكَسبه كَمَا إِذا قُلْنَا هَذِه الثَّمَرَة من الشَّجَرَة وَهَذَا الزَّرْع من الأَرْض بِمَعْنى أَنه حدث مِنْهَا وَمن الله
1 / 40