78

وبدا على وجهها التأمل والأحلام، ثم سألت: ترى كيف يقابلون رسالة كارفنرو؟

فقال الملك بلهجة اليقين: ستهز القلوب جميعا، وقلوب الكهنة أنفسهم، وسوف يدعو الحكام إلى تجنيد الرجال من جميع أطراف البلاد، فلا يلبث الجيش الذي يناط به أملنا أن يأتينا بعدده وعدده.

واستخفها الفرح وسألته بلهفة: وهل ننتظر طويلا؟ - أمامنا شهر انتظار يقطعه الرسول في الذهاب والإياب.

ففكرت هنيهة، ثم عدت على أصابعها، وقالت: إذا صدق حدسك تصادف عودته عيد النيل.

فضحك الملك وقال: هذا فأل حسن يا رادوبيس؛ فعيد النيل هو عيد حبنا، وسيكون عيد الفوز والطمأنينة.

وتفاءلت هي خيرا وكانت تؤمن بأنه لا يمكن أن تفقد أملا عزيزا في ذاك اليوم الذي تعده بحق مولدا لسعادتها وحبها. وأيقنت أن اقتران عودة الرسول به ليس محض مصادفة، ولكنه تدبير حكيم من يد آلهة تبارك حبها وتعطف على آمالها.

ورمقها الملك بنظرة إعجاب وإكبار، ثم قبل رأسها وقال: لله هذا الرأس الثمين .. لشد ما أعجب به سوفخاتب، ولشد ما أعجب بالفكرة التي أبدعها، فلم يملك نفسه أن قال لي: يا له من حل يسير لمشكل عسير، كأنه زهرة مونقة تخرج من ساق ملتوية، وأغصان شديدة التعقيد!

وكانت تظن أنه كتم الخبر ولم يبح لإنسان، حتى ذلك الوزير المخلص سوفخاتب، فسألته: هل علم الوزير بسرنا؟

فقال ببساطة: نعم: إن سوفخاتب وطاهو بمثابة عقلي وقلبي، فلا أكتمهما شيئا.

ودوى اسم طاهو في أذنيها دويا شديدا، فتجهم وجهها، وبدا القلق في عينيها، وسألته: وهل علم به الآخر؟

Unknown page