Radd Jamil
الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل - ط العصرية
Genres
وظاهر هذا اللفظ يدل على العموم، لأنه عليه السلام أومأ إلى المجد [المعهود، ثم وصفه بقوله: «الذي أعطيتني»، وهذا ظاهر في إرادة جميع الأفراد التي تناولها المجد] «3»، وبيانه: أن القائل إذا قال: أعطيت فلانا الدراهم التي أعطيتني، والهدية التي أرسلت إلي، كان ذلك ظاهرا في العموم. لكنا إذا أنصفنا، علمنا أن الحقيقة ليست مرادة، لأن/ من جملة المجد الذي أعطي له؛ النبوة والرسالة وما يترتب عليهما من الدرجات، والصعود إلى السماء، وإقداره على الإتيان بخوارق المعجزات، فهذه حقائق ليست مرادة بالإعطاء. فلا بد من حمل اللفظ بعد ذلك على معنى، وإلا لزم تعطيله، فلم يبق إلا أن يريد بالإعطاء؛ إعلامهم بما يليق بجلال الله عز وجل، ثم سأل لهم التوفيق إلى العمل بمقتضاه من الإله القادر على ذلك، فقال: «قدسهم بحقك».
أي: أنا قد أعلمتهم ما يليق بجلالك- وهذه وظيفة الأنبياء المرسلين- فأرشدهم أنت ووفقهم إلى العمل بمقتضاه فإن هذه درجة/ الإله القادر على خلق الأعمال.
فإن قيل لم لا يجوز أن يكون من جملة المجد الذي أعطي له؛ الاتحاد الذي استحق أن يكون به إلها، وقد دل الدليل على عدم إرادته، وأنه ليس معطا «1»، فيكون غير مراد، وإن كان مندرجا تحت لفظ العموم؟
قلنا: هيهات، هاهنا تسكب العبرات.
وهل الإلهية يمكن إعطاؤها؟!
هذا مما أجمع العقلاء على استحالته. وهل هذه إلا مصادرة على المطلوب من غير إتيان بتيت «2» يعول عليه إلا ظواهر؟ وقد حللناها من أيديهم، وأولها صاحب شرعهم معتذرا/ إطلاقها ومحترزا عن إرادة حقائقها!. ومثل هذه المعضلة لا تثبت بمجرد الاحتمال، ما لم تبرهن بالبراهين اليقينية، لا سيما في شخص وضحت إنسانيته، ثابتة لوازمها وملزوماتها وذاتياتها، من الحيوانية، والنطق ، والإعياء، والجوع، والعطش، والنوم، والاجتنان في الرحم، والتألم- في رأيهم- في الصلب، حيث قال:
«إلهي إلهي لم تركتني» «3».
Page 46