وذلك مثل قوله في «الحزب الكبير» (^١): (فالسعيدُ حقًّا من أغنيتَه عن السؤال منك، والشقيُّ حقًّا من حرمْتَه (^٢) مع كثرة السؤال لك، فاغنِنا بفضلك عن سؤالنا منك، ولا تحرمنا من رحمتك مع كثرة سؤالنا لك).
فيقال: من المعلوم أنَّ أحدًا من المكلَّفين لا يستغني عن سؤال الله، بل السؤال عليه فرضٌ في صلاته بقوله: [م ١٩] ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٦ - ٧]،
وقد ثبت في «الصحيح» (^٣) أن الله تعالى يقول: «قَسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قال الله: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال: مجّدني عبدي، فإذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قال: هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ قال: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل» (^٤).
وهذا دعاء واجب على كل مسلم في كل صلاة، لا صلاة إلا به، وعند جمهور العلماء أنه رُكن في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وهو قول مالك