Rabb Thawra
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
Genres
أو كما في القول: إن الميت سيهبط «للعالم السفلي المظلم، وإلى هذا المكان سوف تنتقل حقول البهجة والسرور وغابات البردي.»
35
وظاهر أن الجماهير قد وضعت في عالمها كل مشتهياتها التي حرمت منها قبلا، ولم تنس أن تؤكد في كل صورة من صور عالمها الخالد التي وصلتنا، على أهمية الطعام بأنواعه، مثل قول الميت: لسوف آكل «سائر «أطعمة» سيد الأبدية، وأتلقى «غذائي» من «اللحم» الذي على مائدة الإله العظيم.»
36
هكذا انتهت المسألة بخلط كامل بين عالم السماء وعالم تحت الأرض، مع تصورات مادية حسية بحتة لعالم الخلود الجماهيري، بل وصل الأمر بهم حدا تصوروا فيه أن الوصول للعالم الخالد، لا بد وأن يمر أولا من الجيزة، حيث الأهرامات العظيمة، أول رموز الخلود وأكثرها إيحاء به، «فترينا أحد خرائط العالم الثاني أن من يدخل مملكة الموتى، ممن يكونون في المكان المقدس «روستاو» بالقرب من «الجيزة»، فإنه يجد أمامه سبيلين مفتوحين يؤديان به إلى مملكة الأبرار ... إلخ.»
37
وروستاو هذه «كانت عالما سفليا»،
38
و«هذا الاسم كان بادئ الأمر يطلق على جبانة منف، منذ الدولة القديمة، وكان يطلق بنوع خاص على جبانة «الجيزة» القريبة من منطقة الأهرام.»
39 «وزاد الشعب في صورة مقر الأبرار، فتصوره كأنه مجموعة من الجزر «تحيط بها المياه المختلفة»، وتسمى إحدى هذه الجزر حقل «الأطعمة»، وهي بهذا تدل على أن الطعام فيها وفير، ومن ثم يستقر فيها الآلهة والمخلدون، وأزكى منه شهرة حقل ياور، وهو حقل الإسل الذي ظل المصريون حتى عصورهم المتأخرة، يعتبرونه مقر الممجدين، ومما لا يحتاج لبيان أن المصريين قد تصوروا «هاتين الجنتين» على شاكلة بلادهم نفسها؛ إذ يغمرها الفيضان، ويزدهر فيها الزرع بما يوفر للموتى طعامهم، وفي الشرق من السماء ، «شجرة الحياة» التي يعيشون عليها، والتي يغذي ثمرها الأبرار أيضا، وإلى جانب ذلك؛ فإن إلهات السماء تزود الميت بطعام أصرح طهرا وبراءة».
Unknown page