أما حوادث الخدم، إذا كنت غائبا عن الدار أو كان متعذرا.
عليك الوصول إلى التليفون لوقتك، أما حوادثهم في تسجيل أسماء المتكلمين في ذاكراتهم، وفي تسجيل رسائلهم، وفي التبرع بالأجوبة عنك، فأيسرها ما يكدر بين الأخوين، ويفسد ما بين الصديقين، ويحبط ما عسى أن يكون لك من سعي، ويبطل ما عملت من عمل، لعلك نطت به أعظم الأمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وبعد، فإذا كان لي أن أسأل الله لمجموعنا شيئا، فإني أسأله أن يعلمنا كيف نمشي في الطرق الحافلة بأسباب الدوس والصدام، وأن نلتزم في التليفون القصد والدقة وأدب الكلام.
وما ذلك على الله بعزيز!
كيف نمشي في الطرق
من الملاحظات، أو التشهيرات التي كان يتحفنا بها اللورد كرومر في تقاريره السنوية، أن أكثر الركبان في المدن - يعني ركاب الدواب من الجمال والحمير - إنما يسيرون على الطوار - الرصيف.
أما الرجال - الذين يمشون على أقدامهم - فلا يحلو لأكثرهم السعي إلا في وسط الطريق!
ولو قد بسط في عمر اللورد إلى هذه السنين لرآنا قد برئنا - الحمد لله - من نصف هذه العلة، وليس بمستنكر على الله أن يبرئنا من النصف الآخر في بضع سنين!
وإذا كنت أعرض للأخطار التي يستهدف لها السابلة في القاهرة على وجه خاص، فليس معنى هذا أنني أعض الساقة على اختلاف آلاتهم من المسئوليات، فهذا سائق سيارة يطير طيرا، لا يبالي أحدا ولا يبالي شيئا، كأن الله تعالى قد بسط هذه الأرض كلها له وحده، وصقل له وجهها مستقلا، فلا تعترضه حفرة ولا نتوء، ولا يعوقه شجر ولا حجر، وما تقوله في ساقة السيارات تقول أشنع منه في قادة «الموتوسيكلات»، وأما الغلمان الذين يحجلون بالدراجات فأولئك ندع حديثهم إلى القول في سالكي الطرق على وجه عام.
أما الترام وما أدراك ما الترام، فكثيرا ما يرى «الكمسارية» بعينيه الرجل، وقد يكون شيخا كبيرا وقد يكون رجلا مريضا، وقد تكون امرأة حاملا، وقد يراها تحمل طفلا، وتأخذ بيد آخر قد يرى بعينيه أحدا من هؤلاء يهم بالصعود إلى المركبة، إذ رجله الثانية لما تزل ثابتة على الأرض، فيسرع إلى النفخ في صفارته، وسرعان ما يتحرك القطار، وأنف وأرواح الناس، وسلامة جوارحهم من البتر والتهشم، راغم!
Unknown page