146

Qut Qulub

قوت القلوب

Investigator

د. عاصم إبراهيم الكيالي

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

Publisher Location

لبنان

الفصل الخامس والعشرون ذكر تعريف النفس وتصريف مواجيد العارفين اعلم أن النقصان يبدو من الغفلة والغفلة تنشأ من آفات النفس والنفس مجبولة على الحركة وقد أمرت بالسكون وهو ابتلاؤها لتفتقر إلى مولاها وتبرأ من حولها وقواها ومثل ذلك قوله تعالى: (وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ) آل عمران: ١٠٢ لتفزعوا إليه فتقولوا: ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين، وكما قال: (وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولًا) الإسراء: ١١ (خُلِقَ الإنْسَانُ عَجَلٍ) الأنبياء: ٣٧ ثم قال: (سَأُريكُمْ آيَاتي فَلاتَسْتَعْجِلونِ) الأنبياء: ٣٧ قال: (أتَى أمّْرُ اللَِّه فَلا تَسْتَعْجِلوهُ) النحل: ١ فأخبر عن وصفه بالعجلة ثم أمره بتركها للبلوى، فإن نزلت السكينة وهي مزيد الإيمان سكنت النفس عن الهوى بإذن منفسها وإن حجب القلب بالغفلة وهي علامة على الإفتقار والتضرع تحركت النفس بطبعها، فإن سكنت عن حركتها فبالمنة والفضل وإن تحركت بوصفها فبالابتلاء والعدل، فأوّل البلاء اختلافها وأول اختلافها خلافها ومقدمته الهمة وبابه السمع وهو طريق إلى الكلام والنظر والقول طريق إلى الشهوة والشهوة مفتاح الخطيئة والخطيئة مقام من النار حتى يزحزح عنها الجبار بالتوبة في الدنيا والعفو في العقبى، وقد تكون المخالفة على المحب العارف أشد من النار كما حدثت عن بعضهم قال: لأن أبتلي بدخول النار أحبّ إلي من أن أبتلي بمعصية، قيل: ولم؟ قال: لأن في المعصية خلاف ربي تعالى وسخطه وفي النار إظهار قدرته وانتقامه لنفسه قال: فسخطه أعز علي وأعظم من تعذيب نفسي، وكذلك حدثونا في معناه عن بعض الموقنين من العمال أنه قال: ركعتان تتقبل مني أحبّ إلي من دخول الجنة، قيل: وكيف؟ قال: لأن في الركعتين رضا ربي ﷿ ومحبته وفي الجنة رضاي وشهوتي فرضا ربي عز َّوجلّ أحبّ إليَّ من محبتي، وقد قال وهيب بن الورد المكي في لبن سئل أن يشر به فلم يفعل لأنه سأل عن أصله فلم يستطبه فقالت له أمه: اشرب فإني أرجو إن شربته أن يغفر اللَّه لك، فقال: ما أحب أني شربته وأن اللَّه غفر لي، قالت: ولم؟ قال: لا أحب أن أنال مغفرته بمعصيته، فجملة وصف النفس معنيان، الطيش والشره، فالطيش عن الجهل والشره عن الحرص،

1 / 152