فقالت وكأنها تعرفه بنفسها: نحن من الوافدين حديثا، نسكن في عمارة عم خليل لقربها من المدرسة التي أعمل بها.
فقال منتشيا بسروره: تشرفنا. - العباسية حي خطر لوجود الثكنات الإنجليزية بها. - الله هو الحافظ.
شعر بأنه يوجد قبول واستجابة، وقص علينا القصة، وفكرنا في الأمر طويلا غير أن حمادة كان أجرأنا فقال له: ظروفك سيئة وأنت تعذر إذا تزوجت مرة أخرى. - فقال دون أن يفلح في إخفاء ارتياحه: ولكن لإحسان منزلة لا تعدلها منزلة.
فقال حمادة: احتفظ بها معززة مكرمة مع ابنيها، وهي ستفهم وتقدر وتعذر.
وجاءته أخيرا بصحبة امرأة في الحلقة السادسة، حدس لتوه أنها أمها، فقال لها يجرها للحديث: مبارك، إنهم يبنون مخبأ قريبا من عمارتكم.
فقالت ضاحكة: نعم ، على أي حال وبصرف النظر عن الثكنات فالعباسية حي جميل.
فقال مجربا نفسه في الغزل: العباسية تشرفت بأجمل بنت فيها.
ابتسمت المرأة في سذاجة ودارت ليلى ابتسامة وانتهى الموقف على خير.
ويقص علينا ما يحدث ووجهه يتألق بالسعادة، فلم نشك في أنه وقع في الهوى من جديد، إنه شاب طيب، وهيهات أن يعرف امرأة إلا على سبيل الزواج. واقتنعنا تماما أنه لا مفر من الزواج. وفي الحال كلفنا أهل الخبرة بالتحري عن الأسرة الجديدة بعمارة عم خليل، وجاءت المعلومات تقول: إن الفتاة اسمها ليلى حسن، في الثلاثين من عمرها، أي تماثل صادق في سنه، مدرسة بمدرسة العباسية الابتدائية، وأمها ست عيشة أرملة ذات معاش بسيط، أسرة على قد حالها، لعلها لم تكن لترضى بالزواج من خردواتي لولا حسن سمعته وثراؤه ووسامته بالإضافة إلى حصوله على البكالوريا.
ومضى في حلمه إلى غايته فرنا إلى عمارة جديدة تشطب على الجانب الآخر من الطريق العام أمام دكانه فقرر أن يحجز بها شقة للعروس الجديدة، إن وفق في مشروعه، وإذن فقد صدقت نيته وتوكل على الله.
Unknown page