أما المفاجأة المثيرة حقا فاقتحمتنا من ناحية صادق صفوان، قال ووجهه الجميل يومض بالانشراح: معي قنبلة!
وانتظر ليخلق الجو المناسب ثم قال: سأفتح دكان خردوات!
هل جن الشاب الوديع المتدين؟ ولكنها الحقيقة، صارح والديه بأنه قرر ألا يكمل تعليمه، وأن يفتح دكان خردوات كخطوة أولى في سبيل الثراء، انزعج صفوان أفندي النادي أيما انزعاج ولم يصدق، وآمنت ست زهرانة كريم بأن عينا أصابت ابنها الوحيد، قال صفوان أفندي: أنت تمزح ولا شك. - بل جاد كل الجد. - إذن مسك جنون! - لم يا بابا؟ أنا عاقل وأعرف هدفي. - لم أسمع عن متعلم قبلك يفضل أن يكون صاحب دكان عن أن يكون موظفا في الحكومة. - قارن بين أقل ربح متصور لدكان وبين أي مرتب. - المال ليس كل شيء .. الجزار رجل غني! - المال أهم شيء. - والكرامة؟ - العمل الشريف كرامة.
فصاح الرجل: أفسدك التدليل، هذه هي المسألة، ومن أين لك الخبرة بهذا العمل؟
فقال بهدوء وأدب ليلطف من انفعاله: لنا أصحاب من كل لون، منهم أبناء بقالين وأبناء خردواتية!
فسأله بحنق: لا يكفي هذا، ومن أين لك المال الذي تبدأ به؟ - توجد دكان بثلاثة جنيهات في العمارة الجديدة التي شطبت حديثا على ناصية العباسية مع أبو خودة، نينة تملك بعض الحلي القديمة، وسوف أردها لها أضعافا. - إليك رأيي، أفكار أطفال ولعب عيال.
وجاء الفرج من حيث لا يحتسب، ففي زيارة عائلية لسراي رأفت باشا الزين شكا صفوان أفندي ابنه للباشا فما أدهشه إلا أن هتف الباشا: برافو!
فتساءل صفوان أفندي في حيرة بالغة. - برافو يا باشا؟ - تفكير سليم، الدنيا يجب أن تتغير، أتعرف أنها ستكون دكان الخردوات الوحيدة في العباسية كلها؟!
فباخ انفعال الرجل، وتساءل في تسليم: أليس لكل مشروع تمويل يناسبه؟
فقال الباشا: هذا حق، ويجب أن يكون مشروعا قويا، سأقرضه بما يلزمه قرضا حسنا بلا فوائد وسوف أسدد خطاه.
Unknown page