الخلاف في نبوءة الخضر ﵍-:
واختلف العلماء في الخضر ﵍ أنبيًّا كان أم لا. وسياق القصة يدل على أنه نبي من الأنبياء وليس وليًّا من الأولياء فحسب؛ بدليل أن الله قال: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (٦٥)﴾ [الكهف] وهذه الرحمة هي النبوة والعلم الذي أوحى الله -جل وعلا- به إليه وكذلك قول موسى ﵍: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦)﴾ [الكهف] فلو كان غير نبي لم يكن معصومًا، ولم يكن لموسى وهو نبي عظيم ورسول كريم، واجبُ العصمة، كبيرُ رغبةٍ ولا عظيمُ طلبة في علمِ وليٍّ غيرِ واجبِ العصمةِ؛ فهذا يدل على أنه كان نبيًّا من الأنبياء.
وكذلك أقدم الخضر ﵍ على قتل ذلك الغلام، وما كان ليفعل ذلك إلا بوحي إليه من المَلِك العلَّام ﷾. فكل هذا يدل على ماذا؟
يدل على أن الخضر ﵍ كان نبيًّا من الأنبياء في زمن موسى ﵍.
إذًا: نؤمن بمن جاء ذكره في الكتاب والسنة تفصيلا كما ورد ونؤمن إجمالا بمن لا نعرف اسمه، وقد أخبرنا النبي ﵊ أنهم جمع غفير وعدد كبير، فنؤمن بهم إجمالًا، ونؤمن بكل نبي بعثه الله ﷾. يقول الله -جل وعلا- في كتابه الكريم: ﴿مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر: ٧٨] وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]
فما من أمة من الأمم إلا وبعث الله -جل وعلا- إليها رسولًا.