أمرك لا يحتمل شكا!
واضح أن النص هنا ليس تعبيرا عن مطلب الملك الأرضي، ليصبح سيدا مطلق النفوذ، إزاء طوارئ اكتسبت صفة الديمومة، بحيث تنفذ أوامره دون مناقشة، لذلك نلحظ أن كل ما جاء عن الكلمة الخالقة في الأساطير لا يتعلق فعلا بما حدث لتكوين الكون وإيجاده، إنما كان تجربة كتجارب الحواة وألعابهم، قصد بها تأكيد تبعية الأتباع للسيد، أنه «لو أراد» شيئا بالكلمة سيحققه:
ووضعوا في الوسط قطعة قماش
وقالوا لبكرهم «مردوخ»: افتح فمك
تتلاشى قطعة القماش
تكلم ثانية تعود القطعة كما كانت
ولهذا
قدموا له الخضوع في فرح قائلين
من دونك ملك؟
وإعمالا لكل ما سبق، يمكننا الزعم أن دخول فكرة الكلمة الخالقة إلى سفر التكوين، بدأت تعبيرا عما وصل إليه التطور السياسي في المجتمع الإنساني، وتعبيرا عن وجوب الطاعة الكاملة غير المشروطة للعاهل الذي لا ترد كلمته ولا تتبدل، والتي يجب تنفيذها الفوري مهما كانت غير مقبولة أو غير معقولة، ومع ذلك واصلت فكرة الكلمة الخالقة صعودها الخيالي في اللغات السامية، ليصبح للأمر «كن» دلالات القوة الفاعلة في الكلام لكنها على المستوى الفعلي لم تكن ذات دور فاعل حقيقي في عملية الخلق، التي تمت بموجب «الإينوما إيليش» البابلية.
Unknown page