Qisas Anbiya
قصص الأنبياء
Investigator
مصطفى عبد الواحد
Publisher
مطبعة دار التأليف
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٨٨ هـ - ١٩٦٨ م
Publisher Location
القاهرة
قِطْفًا مِنْ عِنَبِ الْجَنَّةِ، فَانْطَلَقَ بَنُوهُ لِيَطْلُبُوهُ لَهُ، فَلَقِيَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا بَنِي آدَمَ؟ فَقَالُوا إِنَّ أَبَانَا اشْتَهَى قِطْفًا مِنْ عِنَبِ الْجَنَّةِ.
فَقَالُوا لَهُمْ: ارْجِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ.
فَانْتَهَوْا إِلَيْهِ فَقَبَضُوا رُوحَهُ وَغَسَّلُوهُ وَحَنَّطُوهُ وكفنوه، وَصلى عَلَيْهِ جِبْرِيل وَمن خَلفه من الْمَلَائِكَةِ وَدَفَنُوهُ، وَقَالُوا: هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ.
وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِسَنَدِهِ، وَتَمَامُ لَفْظِهِ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاةِ آدَمَ ﵇.
قَالُوا: فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ الْوُصُولُ إِلَى الْجَنَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا آدَمُ الَّتِي اشْتَهَى مِنْهَا الْقِطْفُ مُمْكِنًا، لَمَا ذَهَبُوا يَطْلُبُونَ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالُوا: وَالِاحْتِجَاجُ بِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ: " وَيَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة " [لَمْ يَتَقَدَّمْ عَهْدٌ يُعُودُ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَعْهُودُ الذهنى (١)] مُسلم، وَلَكِن هُوَ مادل عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، فَإِنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنَ الْأَرْضِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَخُلِقَ لِيَكُونَ فِي الْأَرْضِ، وَبِهَذَا أَعْلَمَ الرَّبُّ الْمَلَائِكَةَ حَيْثُ قَالَ: " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَة " قَالُوا: وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: " إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ (٢) " وَاللَّامُ لَيْسَ لِلْعُمُومِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْهُودٌ لَفْظِيٌّ، وَإِنَّمَا هِيَ للمعهود الذهنى الذى
فالالف دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَهُوَ الْبُسْتَانُ.
قَالُوا: وَذِكْرُ الْهُبُوطِ لَا يَدُلُّ عَلَى النُّزُولِ مِنَ السَّمَاءِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَك (٢) " وَإِنَّمَا كَانَ
_________
(١) لَيست فِي ا (٢) الْآيَة: ١٧ من سُورَة ن (٣) الْآيَة: ٤٨ من سُورَة هود (*)
1 / 18