331

Qiṣaṣ al-Anbiyāʾ

قصص الأنبياء

Editor

مصطفى عبد الواحد

Publisher

مطبعة دار التأليف

Edition

الأولى

Publication Year

1388 AH

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ، وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ، قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ * وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ".
لَمْ يَزَالُوا بِأَبِيهِمْ حَتَّى بَعَثَهُ مَعَهُمْ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ غَابُوا عَنْ عَيْنَيْهِ (١)، فَجَعَلُوا يَشْتُمُونَهُ وَيُهِينُونَهُ بِالْفَعَالِ وَالْمَقَالِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِلْقَائِهِ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ، أَيْ فِي قَعْرِهِ عَلَى رَاعُوفَتِهِ، وَهِيَ الصَّخْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي وَسَطِهِ يَقِفُ عَلَيْهَا الْمَائِحُ، وَهُوَ الَّذِي يَنْزِلُ لِيَمْلَأَ الدِّلَاءَ إِذَا قَلَّ الْمَاءُ، وَالَّذِي يَرْفَعُهَا بِالْحَبْلِ يُسَمَّى الْمَاتِحَ.
فَلَمَّا أَلْقَوْهُ فِيهِ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنه لابد لَكَ مِنْ فَرَجٍ وَمَخْرَجٍ مِنْ هَذِهِ الشِّدَّةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا، وَلَتُخْبِرَنَّ إِخْوَتَكَ بِصَنِيعِهِمْ هَذَا فِي حَالٍ أَنْتَ فِيهَا
عَزِيزٌ، وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَيْك خائفون مِنْك، " وهم لَا يَشْعُرُونَ ".
قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة: وهم لَا يَشْعُرُونَ بِإِيحَاءِ اللَّهِ إِلَيْهِ ذَلِكَ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " وهم لَا يَشْعُرُونَ " أَيْ لَتُخْبِرَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا فِي حَالٍ لَا يَعْرِفُونَكَ فِيهَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ.
فَلَمَّا وَضَعُوهُ فِيهِ وَرَجَعُوا عَنْهُ، أَخَذُوا قَمِيصَهُ فَلَطَّخُوهُ بشئ مِنْ دَمٍ، وَرَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ عِشَاءً وَهُمْ يَبْكُونَ، أَيْ عَلَى أَخِيهِمْ.
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا يَغُرَنَّكَ بُكَاءُ الْمُتَظَلِّمِ فَرُبَّ ظَالِمٍ وَهُوَ باك! وَذكر بكاء إخْوَة

(١) ا: عينه (*)

1 / 314