198

Qiṣaṣ al-Anbiyāʾ

قصص الأنبياء

Editor

مصطفى عبد الواحد

Publisher

مطبعة دار التأليف

Edition Number

الأولى

Publication Year

1388 AH

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُمُ الْخَلِيلُ ﵇: " أفتعبدون من دون الله حَالا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ، أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبدُونَ من دون الله أَفلا تعقلون؟ ".
كَمَا قَالَ: " فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون " قَالَ مُجَاهِدٌ: يُسْرِعُونَ.
قَالَ: " أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ " أَيْ كَيْفَ تَعْبُدُونَ أَصْنَامًا أَنْتُمْ تَنْحِتُونَهَا مِنَ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ، وَتُصَوِّرُونَهَا وَتُشَكِّلُونَهَا كَمَا تُرِيدُونَ " وَاللَّهُ خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ ".
وَسَوَاءٌ كَانَتْ: " مَا " مَصْدَرِيَّةً أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي، فَمُقْتَضَى الْكَلَامِ أَنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ، وَهَذِهِ الْأَصْنَامَ مَخْلُوقَةٌ، فَكيف يتعبد مَخْلُوق لمخلوق
مِثْلَهُ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِبَادَتُكُمْ لَهَا بِأَوْلَى مِنْ عِبَادَتِهَا لَكُمْ.
وَهَذَا بَاطِلٌ، فَالْآخَرُ بَاطِلٌ لِلتَّحَكُّمِ ; إِذْ لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ تَصْلُحُ وَلَا تَجِبُ (١) إِلَّا لِلْخَالِقِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
* * * " قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كيدا فجعلناهم الاسفلين ".
عَدَلُوا عَنِ الْجِدَالِ وَالْمُنَاظَرَةِ لَمَّا انْقَطَعُوا وَغُلِبُوا، وَلَمْ تَبْقَ لَهُمْ حَجَّةٌ وَلَا شُبْهَةٌ إِلَى اسْتِعْمَال قوتهم وسلطانهم، لينصروا ماهم عَلَيْهِ مِنْ سَفَهِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ، فَكَادَهُمُ الرَّبُّ ﷻ ; وَأَعْلَى كَلِمَتَهُ وَدِينَهُ وَبُرْهَانَهُ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: " قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعلين * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيم * وَأَرَادُوا بِهِ كيدا فجعلناهم الاخسرين ".

(١) ا: تجب وَلَا تصلح.
(*)

1 / 181