274

Qiraa Fi Kutub Caqaid

قراءة في كتب العقائد

Genres

Responses

وهذا مثال واحد فقط عرفنا من خلاله كيف أصبحت العقيدة بهذه الأمور مصدر شقاق وحسرة وغبش في القلوب وصدأ في العقول لا يزيد النفس المؤمنة إلا شكا ويبطل مفعول السياق ويجرد الآيات المقتطعة من كل ما حملها الله عز وجل من المعاني والتأثير ولهذا فشتان بين تلقينا لهذه العقيدة من هذه الكتب وتلقي الصحابة رضي الله عنهم والسلف -الذين هم السلف- من القرآن والسنة بسياقاتها.

ولعلنا أشرنا فيما مضى إلى شيء من تقليباتهم لمعاجمهم اللغوية وتغيير معاني جذور كلماتها كما وقع لهم في (أنزل) إذ أصبحت مضادة ل (خلق) أي أصبح معناها (لم يخلق) ولا شك أن هذا المعنى الجديد الذي صبغوها به قد جعلها نابية عن العربية.

ووقع لهم مثل هذا في (اللقاء) فاصبح اللقاء يقتضي عندهم الرؤية والمشاهدة وبذلك فسروا قوله عز وجل (وتحيتهم يوم يلقونه سلام00) وغيرها، أن هذا يقتضي إثبات الرؤية وحين فوجئوا بقوله تعالى: (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه) رأوا أن هذه الآية على أصلهم تقتضي أن المنافقين سيرون ربهم، فأحجموا عن هذا الاستدلال قرنا من الزمان حتى نشأت فيهم ناشئة غرست بغرسهم أصبحت تقرر في كتب عقائدهم أن الناس كلهم يرون ربهم ولكن المؤمنين يرونه رؤية ثواب والكافرون رؤية عذاب!! وهكذا أصبحت المصطلحات الشرعية لعبة في أيدي هؤلاء فرأوا أن من اليسير عليهم إثبات رؤيتين للباري عز وجل بدلا من أن يعودوا للمراجع قليلا ويتبينوا أن اللقاء لا يقتضي الرؤية.

وهنا صرنا في مشكلة أخرى وهي أن الرؤية التي تكون للكافرين كيف تكون عذابا والمشاهد واحد؟! فهل يريدون التجويز على الباري أن يكون بصورة قبيحة إن رآه الكافرون وبصورة حسنة إذا رآه المؤمنون؟!.

Page 280