257

Qiraa Fi Kutub Caqaid

قراءة في كتب العقائد

Genres

Responses

بسياسة قتل الداعي إلى البدعة سهل القضاء على كثير من العلماء الصالحين والمفكرين النابهين، وراق لبعضهم أن يتألى على الله ويحجر رحمته فقال بعدم قبول توبة الزنديق!!، وبأن المبتدع لا يتوب ولو أراد التوبة لم يوفق إليها!! فإذا لا مناص من القتل صيانة للدين وذبا عن حرماته!!، وتحذلق بعضهم مدعين أن المبتدع يحضر لكل سؤال من بدعته جوابا قلما يستطيع مجادله نقضه، ولهذا فلا ينبغي مناظرة أهل البدع ولا تمكينهم من كتابة آرائهم ليرد عليهم!!، فيذكر ابن بطة في كتاب (الإبانة) أنه ما أضر بأهل الإسلام مثل مناظرة أهل البدع ومجادلتهم داعيا إلى التجافي عن سماع أقوالهم وعن مجادلتهم بالتي هي أحسن، مع أن الله في كتابه دعى إلى مجادلة المخالفين بالتي هي أحسن، كما دعى إلى مجادلة أهل الكتاب بالحسنى إلا الذين ظلموا منهم، فما دام أن القصد من إنزال الكتب وبعثة الرسل هو هداية الخلق ورحمتهم فما المحذور في مجادلتهم ومناقشتهم؟! ولكن هذه الأقوال الغريبة التي شاعت وحشيت بها كتب العقائد وجعلت قواعد مقدسة للتعامل مع المخالفين في الفكر والاعتقاد كان مصدرها بعض القصاص والوعاظ!! من أدعياء العلم الذين يملئون مجالسهم بلعن أهل البدع وتكفير مخالفيهم! ورواية الأكاذيب والأساطير في أن المخالفين لهم يمسخون في قبورهم قردة وخنازير!!، مثل هؤلاء يجرون أحيانا إلى النقاش والمناظرة فلا يجدون ما يسترون به جهلهم سوى هذه الأقوال والنقول التي يتدرعون بها!!، فلا عجب بعد هذا أن يكثر الزنادقة والمنحلون من الدين إذا كان المدعون للعلم بهذا المستوى من الهشاشة والضعف.

Page 263