Qaysar Asfar
القيصر الأصفر: ومسرحيات أخرى شرقية
Genres
الناسك :
على الأقل قلبه وروحه.
القيصر :
من أنت؟ أريد أن أعرفك على حقيقتك، أريد أن تفتح لي قلبك هذا؛ قلب الطفل.
الناسك :
وماذا تستفيد من حياة رجل مثلي؟! رجل تتفرج عليه وهو كالطائر الممسوخ الذي يتقلب في قفصك!
القيصر :
أرجوك. لست في قفص ولا سجن، أنت في قصري، في ضيافتي. تكلم، تكلم.
الناسك (بعد فترة صمت) :
ولدت كآلاف من يولدون، وعندما فتحت عيني، عندما بدأت فتحاتي الست في استقبال العالم؛ رأيت نفسي أعيش في بيت رجل مهدم فقير. كنت أسميه أبي فأصبحت أناديه يا جدي. وحكى لي الجد عندما كبرت عما لم يكن من الممكن أن أسمعه أو أعيه. عرفت أن أبي ذبحه أحد الغزاة من الرعاة الذين انحدروا كالسيل على قريتنا، أما أمي فماتت ليلة ولادتي. لم أكن الوحيد الذي ولد لها في تلك الليلة. لقد كان لي أخ أو أخت، لا أدري. وجدي نفسه لم يتذكر. وارتبكت حياة الجد الفقير. وتطوعت نساء الجيران بإرضاعي أنا وأخي. كان يحملنا كل صباح إلى إحدى النساء الصغيرات الطيبات قبل أن يسعى على رزقه. يوما في الغابة، ويوما في الحقل، وآخر لصيد السمك في النهر الأصفر أو البحيرة الخضراء، هل تعجب بعد هذا أن أشعر بالظلم؟ ترسب في نفسي الإحساس بأنني ظلمت أخي التوءم الذي مات بعد ولادته بشهور، وبأنني ظلمت جدي العجوز الذي لم يكن يجد ما يأكله. وظلمت نساء القرية اللائي لم يكن يجدن طبق الأرز يملأ ضروعهن باللبن. وعندما تنبهت لأبناء التجار الأغنياء والحكام المتغطرسين ورأيت أنهم يذهبون إلى المدارس التي أغلقت أبوابها في وجهي، ويلعبون باللعب التي حرمت علي ، ويضحكون الضحكات التي لم تخرج من فمي. عندما كبرت واكتشفت أن قريتي واحدة من آلاف القرى المظلومة في مملكة الصين الشاسعة، أدركت أنني مكلف بالانتقام من الظلم. بل خامرني الإحساس بأن السماء نفسها قد كلفتني به. وأرسلني جدي إلى معلم طاوي عجوز. وبدأ المعلم يلقني أسرار الكتابة والنطق، ويطلعني على حكم الحكماء القدماء، ويكشف لي ألغاز التحولات والحوليات واليين واليانج. كان المعلم يتوقع أن تهدأ ثائرتي، أن يخف شعوري بالظلم، أن أسلك الطريق وأتحد به حتى أكونه، أن أتسلق معه قمة جبل الصفاء والنقاء، وأهبط معه إلى ظلمات الجذور. لكن حياتي مع جدي الذي تحمل الظلم في صمت، وموته أمام عيني من قلة الطعام، وشدة الهوان وحياتي مع المعلم العجوز الذي غير نفسه ولم يغير شيئا مما حوله - كل ذلك جعلني أشعر بأن جبل الظلم والمظلومين ثقيل على صدري. على صدري أنا وحدي، وأن رفع هذا الجبل من أساسه هو مهمتي أنا وحدي، وعندما قابلت حاكم قريتنا العجوز عرفت أنه مظلوم مثلي. وعندما ذهبت إلى حاكم المقاطعة أفرغ شكواه في أذني. والتقيت باللاجئين من عاصمة المملكة، وعرفت أنك أنت الحاكم الذي لا يريد أن يسمع عن الطريق ولا أن يسير عليه، وأن المحكومين في مملكتك قد أفسدهم حكمك وحكم أعوانك.
Unknown page