Rules of Judgments in the Interests of People

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
74

Rules of Judgments in the Interests of People

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Publisher

مكتبة الكليات الأزهرية

Publisher Location

القاهرة

وَالضَّابِطُ فِي الْوِلَايَاتِ كُلِّهَا أَنَّا لَا نُقَدِّمُ فِيهَا إلَّا أَقْوَمَ النَّاسِ بِجَلْبِ مَصَالِحِهَا وَدَرْءِ مَفَاسِدِهَا، فَيُقَدَّمُ فِي الْأَقْوَمِ بِأَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا، عَلَى الْأَقْوَمِ بِسُنَنِهَا وَآدَابِهَا، فَيُقَدَّمُ فِي الْإِقَامَةِ الْفَقِيهُ عَلَى الْقَارِئِ، وَالْأَفْقَهُ عَلَى الْأَقْرَأِ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ أَعْرَفُ بِاخْتِلَالِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ، وَبِمَا يَطْرَأُ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الْوَرِعُ عَلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّ وَرَعَهُ يَحُثُّهُ عَلَى إكْمَالِ الشَّرَائِطِ وَالسُّنَنِ وَالْأَرْكَانِ، وَيَكُونُ أَقْوَمَ إذًا بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ. وَقَدَّمَ بَعْضَ الْأَصْحَابِ بِنَظَافَةِ الثِّيَابِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُتَنَزِّهَ مِنْ الْأَقْذَارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَنْجَاسٍ أَنَّهُ يَتَنَزَّهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ؛ فَيَكُونُ أَقْوَمَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ. وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الْبَصِيرُ عَلَى الْأَعْمَى عِنْدَ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ يَرَى مِنْ النَّجَاسَاتِ مَا لَا يَرَاهُ الْأَعْمَى؛ فَيَكُونُ أَشَدَّ تَحَرُّزًا مِنْ النَّجَاسَاتِ الَّتِي اجْتِنَابُهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا غَضُّ الْأَعْمَى عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَلَيْسَ غَضُّهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا غَسْلُ الْمَوْتَى وَتَكْفِينُهُمْ وَحَمْلُهُمْ وَدَفْنُهُمْ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الْأَقَارِبُ لِأَنَّ حُنُوَّهُمْ عَلَى مَيِّتِهِمْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى أَكْمَلِ الْقِيَامِ بِمَقَاصِدِ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الْآبَاءُ عَلَى الْأَوْلَادِ، لِأَنَّ حُنُوَّ الْآبَاءِ أَكْمَلُ مِنْ حُنُوِّ الْأَوْلَادِ. وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الْقَرِيبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْأَمْوَاتِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ؛ لِأَنَّ مِنْ الصَّلَاةِ الشَّفَاعَةَ لِلْمَيِّتِ، وَالْقَرِيبُ لِفَرْطِ شَفَقَتِهِ وَشِدَّةِ حُزْنِهِ عَلَيْهِ يُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ لَهُ مَا لَا يَفْعَلُهُ الْأَجَانِبُ. وَكَذَلِكَ تُقَدَّمُ الْأُمَّهَاتُ عَلَى الْآبَاءِ فِي الْحَضَانَةِ لِمَعْرِفَتِهِنَّ بِهَا وَفَرْطِ حُنُوِّهِنَّ عَلَى الْأَطْفَالِ، وَإِذَا اسْتَوَى النِّسَاءُ فِي دَرَجَاتِ الْحَضَانَةِ فَقَدْ يَقْرَعُ بَيْنَهُنَّ وَقَدْ يَتَخَيَّرُ وَالْقُرْعَةُ أَوْلَى. وَيُقَدَّمُ الْآبَاءُ عَلَى الْأُمَّهَاتِ فِي النَّظَرِ فِي مَصَالِحِ أَمْوَالِ الْمَجَانِينِ وَالْأَطْفَالِ. وَفِي التَّأْدِيبِ وَارْتِيَادِ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ، لِأَنَّهُمْ أَقْوَمُ بِذَلِكَ وَأَعْرَفُ بِهِ مِنْ الْأُمَّهَاتِ. وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ الْأَقَارِبُ عَلَى الْمَوَالِي وَالْحُكَّامِ، وَيُقَدَّمُ مِنْ الْأَقَارِبِ أَرْفَقُهُمْ بِالْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَالْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ

1 / 76