306

Al-qawāʿid al-fiqhiyya: mafhūmuhā, nashʾatuhā, taṭawwuruhā, dirāsat muʾallafātihā, adillatihā, muhimmatuhā, taṭbīqātuhā

القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها

Publisher

دار القلم

Genres

فهذه الآيات الكريمة - على اختلاف موارد نزولها - تفرض الاحتياط في حفظ أموال الضعفاء والعاجزين.

في الآية الأولى نهى الأولياء أن يؤتوا السفهاء أموالهم، مخافة أن يضيعوها الضعف عقولهم، وخفة أحلامهم، حتى تزول صفة السفه عنهم(1)؛ وفي الآية الثانية أمروا باختبار عقول اليتامى إلى أن تقوى مداركهم، فيعرفوا التصرف في أمورهم؛ وفي الآية الثالثة وقع التنبيه على أنه لا يصح التصرف في مال اليتيم الا بالخصلة التي هي أنفع له ، كتثميره، أو حفظه، أو أخذه قرضا، وهكذا في سائر الأحوال جعل التصرف منوطا بالمصلحة.

وما سوى ذلك هناك توجيهات وأوامر في كتاب الله الكريم ترشد إلى مدلول هذه القاعدة، مثل قوله تعالى: (وشاورهم في الأمر)(2)، وأمرهم شورى بينهم)(3)؛ ففي الآية الأولى ترى أنه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمشاورة، وفي الآية الثانية تقرير وتنويه بما كانت تجري عليه أمور الصحابة -رضي الله عنهم - بناء على المشورة، والحكمة في ذلك كله فيما يظهر أن المشاورة دائما تتضمن رعاية المصالح، وتساعد على الوصول إلى ما هو أنفع وأصلح للرعية.

وإلى تلك المعاني تشير الأحاديث المذكورة فيما يلي: 1 - عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته؛ والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته؛ والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده، ومسؤول عن رعيته"(4).

(2) سورة آل عمران : من الآية 159.

(3) سورة الشورى: من الآية 38 .

(4) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن: 304/1، رقم 853.

319

Page 318