Qawāʿid fī al-sulūk ilā Allāh taʿālā
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
وفي هذا المقام يكون العشق وهو شدة الغرام، والمحبة بدايات العشق، وأنكر قوم لفظ العشق وأثبته آخرون، والمراد منه نار تتضرم في الأحشاء يقل معها الاصطبار ، وذلك من أعلى المواهب وأسناها؛ أن يصير القلب مفتونا، مأسورا، مأخوذا لما باداه من أشعة أنوار الجمال الأحدي إذا كان الناس مفتونين بما يفنى من المال والجاه والصور.
وأعلاهم من يكون مفتونا بالحور العين، أو عاملا على الدرجات العالية في الجنان، فهذا رجل قد ترقى في درجة المحبة على أهل المقامات بأسرهم، ينظرون إليه في الجنة كما ينظر إلى الكوكب الدري الغابر في الأفق ؛ لعلو درجته ، وقرب منزلته من الله عز وجل.
ولكل عمل جزاء، وجزاء المحبة المحبة والوصال، والاصطناع والقرب، والاتخاذ - بالخاء المعجمة والذال المعجمة بواحدة من فوق - ، ونعوذ بالله من القول بالاتحاد، فهو بالمحبة يقال فيه : يصلح لهم، وكفى بقولك: يصلح لهم شرفا وفخرا، هذا من كراماتهم التي نالوها في عاجل الدنيا، فما ظنك بمقاماتهم العالية عند مولاهم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والعبد في ذلك كله تارك الاختيار عند الله عز وجل، لا يتقدم بين يديه بتدبير ولا إرادة ولا مشيئة، تقلبه يد القدرة، ويدعوه لسان الأزل؛ فإن هو صبر على ذلك؛ يرقيه الله عز وجل ملكا ملكا، يغرقه في ملك ملك، ثم ينجيه منه، ويوقعه في غيره؛ كما غرقه في بحر
Page 286