Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
والهيبة الحاصلة من المراقبة تحمل العبد على جولان الفكر في أمر المراقب ونواهيه، وعلى حركة الجسم بعبادته والتلذذ بها، فعليك بلزوم هذا المدخل تحظ بجميع ذلك إن شاء الله تعالى.
فإن قلت : الإنسان حقيقة واحدة، مركب من ظاهره وقالبه، ومن روحه القائمة بظاهره، وأنتم تذكرون القلب والعقل والنفس، فالإنسان هو الذي يفكر بعقله، وينظر بقلبه، ويتحرك بنفسه، والكل إنسان واحد ، بروح واحد ، فكيف يمكن تخليص هذه المعاني من الشيء وتميز ذلك? الجواب : نعم؛ الإنسان حقيقة واحدة، له ظاهر وباطن، فظاهره الجسم، وباطنة - أيضا - شيء واحد، لكن له صفات باعتبارها تسمى تلك الحقيقة الباطنة باسم القلب أو العقل أو النفس أو الروح، والمتحرك في هذه الصفات المختلفة شيء واحد وهو الإنسان الباطن.
فباعتبار: المحبة والميل وهو معنى روحاني يقال : تحرك بروحه، وباعتبار: خوفه ورجائه واعتماده وعزمه وأمثال ذلك، وهي صفات عملية يمكن أن يراد بها الآخرة والدنيا، يقال : تحرك بقلبه، وباعتبار: تعقله للأشياء وتمييزه بين حقها وباطلها، ومصلحها ومفسدها يقال: تحرك بعقله ورأيه، وباعتبار: شهوته الحيوانية؛ من شهوة الأكل واللبس والنكاح، والغضب والعلو والفخر والخيلاء يقال : تحرك بنفسه، وليس ذلك مذموما مطلقا؛ فإنه مباح فيما أحل له من الأكل والنكاح والعلو، والفخر والخيلاء في حرب الكفار، فإنه وضعه في محله، وهو مذموم في غير ذلك إذا وضعه في غير محله.
Page 238