============================================================
القانسون ربه، وعلمه في علمه، حتى لا تبقى الا عبودية تعلقت بربويية، وربويية تولت عبودية، وهذا مقام رفيع، وهو الذي طلبه أبو يزيد1 حيث قال: "أريد أن لا أريد".
وقيل: "التصوف استرسال النفس مع الله تعالى، على ما يريده وهو كالأول وقيل: "التصوف أن يكون العبد في كل وقت، بما هو أولى في الوقت". وقال سهل بن عبد الله الصوفي3. " من صفا من الكدر، وامتلا من الفكر، وانقطع إلى الله تعالى عن البشر، واستوى عنده الذهب والمدره. وقيل هو: "تجريد القلب إلى الله، واحتقار ما سواه". وقيل: "صدق التوجه إلى الله، بما يرضى من حيث يرضى".
فلكل من أعطي نصييا من التوجه نصيب من التصوف، غير أنه لتعدد الوجه تعدد التوجه وتنوع، فكان لكل تصوف بحسب توجهه، وتمريف يليق به، فقد يغلب على الإنسان مباشرة الأعمال الصالحات قولا وفعلا، وهو العابد. وقد يغلب عليه ترك الدتيا 3وملاذها وتنظيف الذيل منها، ) وهو الزاهد. وقد يغلب عليه ما مر من العبودية، والقيام بين يدي الله بلا علاقة، وهو العارف.
ولابد من اتصاف كل واحد، بما لابد منه من وصف الآخر، وإلا لم يعتير، ولكل واحد مجاهدة وسلوك في بابه، وبداية ونهاية. والطريق كلها في الجملة علم وعمل ثم موهية.
1- هو آبو يزيد البسطامي (261/198ه)، نسبته إلى بسطام من بلاد خراسان. مما اثر عنه قوله: "لر نظرتم إلى رحل أعطي الكرامات حتى يرتفع إلى الهواء فلا تغتروا به، حتى تنظروا كيف تحدونه عند الأمر والتهى، وحفظ الحدود وأداء الشريعة). البداية والنهاية /11: 41 - شذرات الذهب/2: 143.
2- من كبار الصوفية وعلماء الكلام (283/200ه). كان يقول: "أصولنا ستة: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله . واكل الحلال، وكف الأذى، واحتتاب الآثام، وأداء الحقوق" . من كتبه: تفسير القرآن. مواعظ العارفين. شدرات الذهب/2: 182- شحرة النور: 66.
Page 200