284

============================================================

القانسون ولا يدخل مشغول البال بجوع أو عطش، أو هم أو نحوه، اذ يمنعه ذلك من الإصغاء والانتفاع، ولا يطرق على الشيخ ليخرح اليه، ولا يناده من وراء الحجرات، ولينتظر خروجه، وليصبر إن كان ثاثآما حتى يستيقظ وقد كان ابن عباس رضي الله 158 عنهما ياتي باب زيد بن ثابت فيجده نائما، فيقال له: "ألا نوقظه ( لك؟" فيقول: "لا"، وينتظره حتى يستيقظ، وربما اصابته الشمس، وهو على ذلك ولا يبالي، ولا يقترح على الشيخ ما يشق عليه، من مجلس غير معتاد أو وقت، أو تخصيص له بشيء من ذلك، أو بملاحظة، فربما فعل الشيخ ذلك، مع استثقال، وفيه هلاكه، اللهم إلا أن يكون هو افتتحه بذلك، ومن عليه به، فليقبله شاكرا له.

(الأدب في الجلوس بين يدي الشيخ) الثامن: أن يجلس بين يدي الشيخ بالأدب، جلوس الصبي أمام المؤدب إن أمكنه، وهو أولى به، ومن أغرب ما شاهدته في هذا، أن كنت ايام البداية، أجلس في حلقة شيختا أبي بكر التطافي1 رحمه الله ناحية جنبه الأيسر، وهم يقرؤون الخلاصة، فكنت أفهم بعضا من كلامه، وأشياء لا أفهمها، حتى بلغنا نحو النصف، فاتفق لبعض من كان بين يديه أن خرج من البلد2، فجلست في موضعه بين يدي الشيخ، فكنت من ذلك اليوم، كل ما يخرح من في الشيخ يدخل في قلبي كالشمس المنيرة، ولا ينوتتي شيء، وقضيت العجب من ذلك.

ويقبل عليه بكليته مصغيا متلقفا كل ما يسمع بقلب شهيد ، ولا يتنافل حتى يمر الكلام، ويلقى الشيخ في تقريره عناء، ثم يسال عنه هسو سؤال من لم يسمع قط فإنه إن اعاده تالم الشيخ بذلك، فقد قيل: "أثقل من حديث معاد"، وإن لم يعد تألم هو وتألم الشيخ بتألمه وضفلته، ولا خير في شيء من ذلك.

1- ورد في ج: المتفلاقي.

ك ورد في ج: المدينة.

Page 386