326

Qanun Tawil

قانون التأويل

Investigator

محمد السليماني

Publisher

دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن

Edition Number

الأولى

Publication Year

1406 AH

Publisher Location

جدة وبيروت

وتفصيل ذلك أن النفس قد يحصل لها نوع من الكشف (١) إما يقظة وإما منامًا بسبب قلة علاقتها مع البدن (٢)، وهذا هو الكشف النفساني، ولكن ثبت أيضًا بالدلائل العقلية مع الشرعية وجود الجن وأنها تخبر الناس بأخبار غائبة عنهم، كما للكهان والمصروعين وأهل العبادات الشيطانية من البراهمة وغيرهم، فهؤلاء جميعًا يسمع منهم من أنواع الكلام واللغة الغريبة وما يعلم أن المتكلم على لسان غيره، لا أن هذا الكلام صدر عن مجرد نفسه، وإذا كان هذا بما شوهد في النفوس الخبيثة، وأن كثيرًا من إخباراتها تصدر عن أرواح شيطانية، فلأن يكون إخبار الأنبياء عن إخبار أرواح الملائكة بطريق أولى.
وإذا كان الوحي كما يزعم الفلاسفة تخيلًا في نفس النبي وليس له وجود في الخارج، فحينئذ يكون النبي من آحاد المسلمين، بل رجل من أضعف الصالحين، والتخيل يحصل لجميع الناس الذين يرون المنامات، ولكن ابن سينا يزعم أن النبي يرى في اليقظة ما يراه غيره في المنام، وهذا موجود عند كثير من الناس، وهم جعلوا مثل هذا يحصل للمجنون والمصروع والساحر، ولكن قالوا إن الساحر قصده فاسد، والمجنون والمصروع ناقص العقل، فجعلوا ما يحصل للأنبياء من جنس ما يحصل للمجانين والسحرة، وهذا قول الكفار في الأنبياء؛ كما قال تعالى:
﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ [الذاريات: ٥٢ - ٥٣].

(١) يرى شيخ الإِسلام ابن تيمية أن الأخبار بالمغيبات يكون عن ثلاثة أسباب:
أ- ما يكون عن طريق أسباب نفسانية.
ب- ما يكون عن أسباب خبيثة شيطانية وغير شيطانية.
بر- ما يكون عن أسباب ملكية.
وكل ما ذكره الفلاسفة هو من النوع الأول وهو أضعفها- الرد على المنطقيين ٤٨٢، الصفدية: ١٨٩.
(٢) كما يرى شيخ الإِسلام ابن تيمية: الصفدية ١٨٧.

1 / 339