153

Qamus Voltaire Falsafi

قاموس فولتير الفلسفي

Genres

إن كانت المادة ضرورية من الأزل، فمن المستحيل إذا والمتناقض إذا ألا تكون موجودة. لكن ما يستطيع الإنسان أن يؤكده أنه من المستحيل وأنه من المتناقض أن هذه الحصاة وتلك الذبابة ليس لهما وجود؟ المرء مجبر، على الرغم من ذلك، على أن يتغلب على هذه الصعوبة التي تدهش المخيلة أكثر مما تناقض مبادئ العقل.

في الحقيقة، حالما تتخيل أن كل شيء قد انبثق من الكائن الأعلى والذكي، وأن ما من شيء قد انبثق من الكائن بلا سبب، وأن هذا الكائن موجود طوال الوقت، وأنه لا بد وأنه ظل فاعلا طوال الوقت، وأنه من ثم كل الأشياء قد نبعت منذ الأزل من رحم وجوده، فلا يجب عليك أن ترفض أن تؤمن بالمادة التي شكلت منها تلك الحصاة والذبابة، وهما خلق منذ الأزل، أكثر مما ترفض أن تتخيل الضوء على أنه انبثاق أزلي من ذلك الكائن كلي القدرة.

طالما أنني كائن لي امتداد وفكر فامتدادي وفكري إذا هما إنتاجان ضروريان من هذا الكائن. واضح لي أني لا يمكنني أن أمنح نفسي أيا من الامتداد والفكر. تلقيتهما كليهما إذا من هذا الكائن الضروري.

هل يمكن أن يمنحني ما ليس لديه؟ لدي الذكاء وأعيش في مكان؛ لذلك فهو ذكي موجود في مكان.

لا يعني القول إن هذا الكائن الأبدي؛ هذا الإله الكلي القدرة، ملأ الكون طوال الوقت بالضرورة بمخلوقاته، حرمانه من حريته؛ لكن العكس؛ لأن الحرية ليست سوى القدرة على الفعل؛ فعل الله على الدوام بأقصى قدرته؛ ومن ثم استفاد دوما من كمال حريته.

ربما تكون الحرية التي يطلق عليها «حرية عدم الاكتراث» بلا فكرة، سخفا؛ لأنها ستكون تقريرا بلا تفكير؛ أثرا بلا سبب. لذلك فلا يمكن أن يكون لدى الله هذه الحرية المزعومة التي هي تناقض لفظي. لقد تصرف دوما، من ثم، من خلال هذه الضرورة ذاتها التي تشكل وجوده.

مستحيل إذا أن يكون العالم بلا إله، ومستحيل أن يكون الله بلا عالم.

هذا العالم مليء بالموجودات التي يخلف بعضها بعضا؛ لذلك فقد ظل الله يخلق موجودات يخلف بعضها بعضا.

هذه التأكيدات التمهيدية هي أساس الفلسفة الشرقية القديمة وفلسفة الإغريق. يجب على المرء أن يستثني ديموقريطس وإبيقور اللذين قاومت فلسفتهما المادية تلك العقائد. ولكن لنلحظ أن الإبيقوريين عولوا على فلسفة طبيعية خاطئة تماما، وأن النظرية الميتافيزيقية لكل الفلاسفة الآخرين تبقى ملائمة لكل نظريات الفلسفة الطبيعية. إن الطبيعة بأكملها، باستثناء الخواء، تناقض إبيقور، وما من ظاهرة واحدة تناقض الفلسفة التي شرحتها للتو. حسنا، أليست الفلسفة التي تتوافق مع كل ما يمر في الطبيعة، والتي ترضي أكثر العقول حرصا، أسمى من كل النظريات الأخرى التي لم يوح بها؟

بعد تأكيدات الفلاسفة القدماء التي حاولت أن أوفق بينها بقدر ما أمكنني، ما الذي يتبقى لنا؟ فوضى من الشكوك والأوهام. لا أعتقد أنه كان هناك فيلسوف لديه نسق لم يقر في نهاية حياته بأنه ضيع عمره. يجب الاعتراف أن مخترعي الفنون الميكانيكية كانوا أكثر فائدة للبشرية من مخترعي القياسات المنطقية؛ فالرجل الذي اخترع المكوك يتفوق بشدة على ذلك الذي تصور الأفكار الفطرية.

Unknown page