منذ الأزل والأبدي لديه نواياه. إذا توافقت الصلاة مع رغباته الثابتة، فمن العبث أن نطلب منه ما قرر فعله. وإذا صلى أحد له لكي يفعل عكس ما قرره، فهذه صلاة له ليكون ضعيفا، عابثا، غير متسق مع ذاته. ويعني الإيمان بذلك السخرية منه. إما أن تطلب منه شيئا عادلا، وفي هذه الحالة لا بد من أن يفعله، وسيحدث الشيء من دون أن تصلي إليه من أجله، بل إن التضرع إليه يعني أنك لا تثق به؛ وإما أن يكون الشيء ظالما، وفي هذه الحالة أنت تسيء إليه. أنت جدير أو غير جدير بالنعمة التي تلتمسها. فإن كنت جديرا فهو يعلم ذلك أفضل منك، وإن كنت غير جدير فأنت ترتكب جرما أكبر بطلب ما لا تستحق.
بإيجاز، نحن نصلي لله فقط لأننا جعلناه - حسب تصورنا - نعامله وكأنه باشا، وكأنه سلطان يمكن للمرء أن يستفزه أو يسترضيه.
باختصار، كل الأمم تصلي لله، وكل الحكماء يسلمون أنفسهم له ويطيعونه.
فلنصل مع الناس، ونسلم أنفسنا مع الحكماء.
خلاصة الفلسفة القديمة
قضيت ما يقرب من أربعين عاما من حجي في ركنين أو ثلاثة من أركان المعمورة باحثا عن حجر الفلاسفة الذي يدعى الحقيقة. استشرت كل خبراء العالم القديم: إبيقور وأوغسطين، وأفلاطون ومالبرانش، وظللت في فقري. ربما يكون في آنية كل هؤلاء الفلاسفة أوقية أو اثنتان من الذهب، لكن البقية كلها راسب، طين جاف لا يمكن أن يولد منه شيء.
يبدو لي أن الإغريق، أساتذتنا، كتبوا ليستعرضوا ذكاءهم بقدر أكثر بكثير مما استخدموا ذكاءهم من أجل التعلم. لا أرى كاتبا واحدا من العصور القديمة كان لديه نسق متماسك، نسق واضح ومنهجي يتقدم من نتيجة لأخرى.
حينما أردت أن أقارن وأؤلف بين نظريات أفلاطون، معلم الإسكندر وفيثاغورس والشرقيين، هاكم تقريبا ما استطعت أن أجمعه:
الصدفة كلمة خالية من المعنى؛ فما من شيء يوجد بلا سبب، العالم مرتب طبقا لقوانين رياضية؛ لذلك فهو مرتب من قبل ذكاء.
ليس كائنا ذكيا مثلما أنا ذكي من أدار تكوين هذا العالم؛ لأنني لا أستطيع أن أخلق سوسة؛ لذا فإن هذا العالم هو عمل ذكاء فائق على نحو غير عادي.
Unknown page