وكان مأمون رضوان يعلم أن مراوغة أحمد بدير أمر عسير، فاستسلم قائلا: أقول ما قال ربي؛ فإن رغبت في معرفة أسلوبي الخاص، فالمرأة طمأنينة الدنيا، وسبيل وطيء لطمأنينة الآخرة.
وتحول أحمد بدير إلى علي طه، ودعاه للكلام بإيماءة من رأسه.
فقال الشاب: المرأة شريك الرجل في حياته كما يقولون، ولكنها شركة دعامتها - في نظري - ينبغي أن تكون المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات.
فالتفت أحمد بدير إلى محجوب عبد الدائم وسأله ضاحكا: ورأي شيطاننا العزيز؟
فقال محجوب عبد الدائم باهتمام مسرحي: المرأة ... صمام الأمن في خزان البخار ...
فضحكوا كما تعودوا أن يضحكوا عقب سماع آرائه، ثم سألوا أحمد بدير: وأنت ما رأيك؟
فقال الشاب باستهانة: على الصحافي أن يسمع لا أن يتكلم، خاصة في عهدنا الحاضر.
2
وانعطفوا مع أول طريق مقاطع لطريق الجامعة، وساروا في اتجاه المديرية. كان مأمون رضوان أطولهم قامة، ومحجوب عبد الدائم في مثل طوله تقريبا، أما علي طه فربعة متين البنيان، وأما أحمد بدير فقصير جدا، كبير الرأس جدا. وكان مأمون رضوان يريد أن يختم ساعات العمل أجمل ختام قبل أن يستقبل يوم اللهو، فقال بصوته المتهدج الصاعد من قلبه: أنسانا حديث المرأة ما نحن بصدده، فما تعليقكم النهائي على المناظرة التي شهدناها ...؟
دارت المناظرة حول «المبادئ» وهل هي ضرورية للإنسان أو الأولى أن يتحرر منها.
Unknown page