بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الَّذِي لم يزل عَالما قَدِيرًا وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد الَّذِي أرْسلهُ إِلَى النَّاس بشيرا وَنَذِيرا وعَلى آل مُحَمَّد وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا أما بعد فَإِن التصانيف فِي اصْطِلَاح أهل الحَدِيث قد كثرت فِي الْقَدِيم والْحَدِيث فَمن أول من صنف فِي ذَلِك القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الرامَهُرْمُزِي فِي كِتَابه الْمُحدث الْفَاصِل بَين الرَّاوِي والواعي لكنه لم يستوعب وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله النَّيْسَابُورِي لكنه لم يهذب وَلم يرتب وتلاه أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فَعمل على كِتَابه مستخرجا وَأبقى أَشْيَاء للمتعقب ثمَّ جَاءَ الْخَطِيب أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ فصنف فِي قوانين الراوية كتابا سَمَّاهُ الْكِفَايَة وَفِي آدابها كِتَابه الْجَامِع لِآدَابِ الشَّيْخ وَالسَّامِع وَقل فن من فنون الحَدِيث إِلَّا وَقد صنف فِيهِ كتابا مُفردا فَكَانَ كَمَا قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر بن نقطة كل من أنصف علم أَن الْمُحدثين بعد الْخَطِيب عِيَال على كتبه

1 / 35

ثمَّ جَاءَ بعض من تَأَخّر عَن الْخَطِيب فَأخذ من هَذَا الْعلم بِنَصِيب فَجمع القَاضِي عِيَاض كتابا لطيفا سَمَّاهُ الإلماع إِلَى أصُول الرِّوَايَة وَالسَّمَاع وَأَبُو حَفْص الميانجي جزأ سَمَّاهُ

1 / 36

مَا لَا يسع الْمُحدث جَهله إِلَى غير ذَلِك من التصانيف الَّتِي اشتهرت وَبسطت واختصرت

1 / 37

إِلَى أَن جَاءَ الْحَافِظ الْفَقِيه تَقِيّ الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان / بن الصّلاح عبد الرَّحْمَن الشهرزوري نزيل دمشق فَجمع لما ولي تدريس الحَدِيث بِالْمَدْرَسَةِ الأشرفية كِتَابه الْمَشْهُور فهذب فنونه

1 / 40

وأملاه شَيْئا بعد شَيْء فَلهَذَا لم يتناسب وَضعه واعتنى بتصانيف الْخَطِيب المتفرقة فَجمع فِي كِتَابه مَا تفرق فِي غَيره فَلهَذَا عكف النَّاس عَلَيْهِ وَسَارُوا بسيره مَا بَين ناظم لَهُ ومختصر ومستدرك عَلَيْهِ ومنتصر ومعارض لَهُ ومقتصر

1 / 41