بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هادي له، وأشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ١. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ٢. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ٣. أما بعد: فهذا كتاب جديد يطبع لأول مرة -فيما أعلم- من تصنيف الإمام الحافظ أبي بَكْرٍ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ المستفاض الفريابي، قمت بتحقيقه على نسختين خطيتين -سيرد وصفهما- موضوعه في باب من أبواب العقيدة، ألا وهو القدر، ويحتوي الكتاب على ٤٤٨ نصًا، ما بين حديث _________ ١ سورة آل عمران: الآية ١٠٢. ٢ سورة النساء: الآية ١. ٣ سورة الأحزاب: الآيتان ٧٠، ٧١.

1 / 5

مرفوع، أو أثر موقوف، كما احتوى الكتاب في آخره على جملة طيبة من الآثار في الرد على أهل الأهواء والبدع. ولأهمية المصنَّف، وجلالة المصنِّف، عملت جهدي في ظهور الكتاب إلي المسلمين، بعد أن كان أسيرًا لخزائن المخطوطات، عسى أن يرفع شبهة، أو يدفع فرية. كما أشير إلى أهمية تزويدي بالملاحظات على الكتاب وتحقيقه، قيامًا بواجب التناصح، والله من وراء القصد. وفي الختام أسأل الله ﷿ أن يجزي مؤلف الكتاب خير الجزاء، وأن يغفر لي ولوالديَّ ولجميع المسلمين، وأن يجمع كلمتهم على الحق، إنه على كل شيء قدير. عبد الله بن حمد المنصور ١٤١٧/٢/٢٨ هـ الرياض

1 / 6

التعريف بالمصنِّف ١: جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الفريابي، الإمام الحافظ الثبت، قاضي الدينور، أحد أوعية العلم، ومن أهل المعرفة والفهم. ولد سنة سبع ومائتين، وقال: أول ما كتبت الحديث سنة أربع وعشرين ومائتين. قال أبو علي بن الصواف: سمعت الفريابي يقول: كل من لقيته لم أسمع منه إلا من لفظه، إلا ما كان من شيخين: أبي مصعب، فإنه ثقل لسانه، والمعلى بن مهدي، بالموصل. قال أبو الفضل الزهري: لما سمعت من الفريابي كان في مجلسه من أصحاب المحابر، من يكتب حدود عشرة آلاف إنسان، ما بقي منهم غيري، هذا سوى من لا يكتب، ثم جعل يبكي. قال الذهبي: سماعه منه كان في سنة ثمان وتسعين ومائتين. وقال ابن عدي: كنا نشهد مجلس الفريابي، وفيه عشرة آلاف أو أكثر. قال الدارقطني: قطع الفريابي الحديث في شوال، سنة ثلاث مائة. _________ ١ مراجع الترجمة: ١ - تاريخ بغداد: جـ ١٩٩/ ٧. ٢ - تذكرة الحفاظ: جـ ٦٩٢/ ٢. ٣ - سير أعلام البنلاء: جـ ٩٦/ ١٤.

1 / 7

وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: دخلت بغداد، والفريابي حي، وقد أمسك عن التحديث، ودخلت عليه غير مرة، ونكتب بين يديه، كنا نراه حسرة. قال الذهبي: نعم ما صنع، فإنه أنس من نفسه تغيرًا، فتورع وترك الرواية. قال الدارقطني: مات الفريابي من المحرم، سنة إحدى وثلاث مائة. وقال أبو حفص ابن شاهين: توفي ليلة الأربعاء في محرم، وهو ابن أربع وتسعين سنة، قال: وكان قد حفر لنفسه قبرًا في مقابر أبي أيوب، قبل موته بخمس سنين، ولم يقضَ أن يدفن فيه. قال عيسى الرخجي: مات لأربع بقين من المحرم. أشهر شيوخ الفريابي: إسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد، وهشام بن عمار، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعثمان بن أبي شيبة، وعلي بن المديني، وعبد الأعلى بن حماد، وهدبة بن خالد، وعمرو بن علي الفلاس، وعبد الله بن جعفر البرمكي، والهيثم بن أيوب الطالقاني، وأبو كامل الجحدري، وعبد الله بن معاذ، وأبو كريب محمد بن العلاء، ومنجاب بن الحارث، ومحمد بن مصفى، وخلق كثير، وللمزي مشيخة على المعجم للفريابي، أوردها تلميذه الذهبي في: سير أعلام النبلاء: جـ ١٠١/١٤. أشهر تلاميذ الفريابي: أبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الطاهر الذهلي، وأبو بكر القطيعي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو حفص عمر بن الزيات، وأبو بكر الآجُرِّي، وعبد الباقي بن قانع، وأبو الحسين محمد بن عبد الله، والد تمام الرازي، والحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي.

1 / 8

وصف النسختين الخطيتين للكتاب اعتمدت على مصورتين كاملتين للكتاب، وظهر لي من خلال العمل أن إحداهما منقولة من الأخرى، ووصفهما كما يلي: ١ نسخة الأصل: وهي موجودة في مكتبة الأسكوريال بأسبانيا، وتتكون من تسع وستين صفحة، في كل صفحة ٢٥ سطرًا تقريبًا، وقد كتبت بخط نسخي مقروء، ومنقوط غالبًا، وتوجد استدراكات على الهامش، وقسمت إلى ثلاثة أجزاء، كتب سماع من بداية الجزء الثاني، وبداية الثالث، وتمكنت ١ من قراءة السماع في بداية الجزء الثاني، وصورته: بلغ السماع في الأول على شيخنا العلامة عبد الحق السنباطي، بقراءة محمد العلامة الفتوحي ... مسمعه الفاضل كمال الدين ولد المسمع، وحسن بن ... محمد ...، وأحمد بن محمد الجمالي، ومن ... محب الدين ... المسمع، ومحمد بن الطنبغاني ... البرديغي، وأجازني المسمع مرويه، وكتب أحد من سمع محمد بن أحمد المظفري، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. والسماع في بداية قول المصنف: باب ما روي من أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: "الله أعلم بما كانوا عاملين". _________ ١ استفدت من تحقيق أحد طلاب الدراسات العليا لكتاب القدرة للفريابي، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وذلك في قراءة سماعات الكتاب، ولم أثبت إلا ما تأكدت من صحته، إن شاء الله تعالى.

1 / 9