بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
Page 24
كتاب القضاء وهو بالمد والقصر لمعان، أنهاها بعضهم (1) إلى عشرة، ولا يبعد ارجاع الكل إلى معنى واحد، وهو: إتمام الشئ والفراغ عنه - كما اعترف به الأزهري على ما حكي عنه (2) - أو فصل الأمر قولا أو فعلا، كما في كشف اللثام (3).
وشرعا - كما في المسالك (4) والكشف (5) وغيرهما (6) -: ولاية الحكم شرعا لمن له أهلية الفتوى بجزئيات القوانين على أشخاص معينين من البرية بإثبات الحقوق، واستيفائها للمستحق.
والظاهر أن ادراج الولاية مبني على جعل القضاء من المصادر
Page 25
المستعملة في شأنية المبدأ ومنصبه - كما في لفظ الحكومة والإمارة والوزارة ونحوها - لا في نفس المبدأ، فالمنصب في هذه المبادئ نظير الملكة في الكتابة ونحوها. وهذا الاستعمال وإن كان شائعا في كثير من المصادر، وملحوظا في لفظ القاضي، إلا أنه قليل في خصوص لفظ القضاء، بل يعبر عنه عرفا بالقضاوة، وإن لم يسمع هذا الوزن في كلام أهل اللغة.
وعلي أي حال، فظاهر التعريف خروج مثل الحكم بثبوت الهلال، فإنه وإن كان منصبا للقاضي إلا أن صدق المبدأ ليس باعتباره، فهو نظير ولايته على أشخاص خاصة وأعيان خاصة.
وقد عرفه في الدروس بما يشمل الكل، أعني ولاية شرعية على الحكم، وعلى المصالح العامة من قبل الإمام عليه السلام (1)، والأول أوجه.
وعلى أي حال، فالظاهر تعريفهم للصحيح من القضاء.
والظاهر بل المقطوع عدم ثبوت الحقيقة الشرعية لهذا اللفظ وما يشتق منه، بل ولا الحقيقة المتشرعية إلا في خصوص لفظ " القاضي "، فلا يبعد أن يراد بقولهم: " شرعا " فن علم الشريعة، يعني اصطلاح الفقهاء، والأمر في ذلك كله سهل.
وهذا الباب (2) (فيه مقاصد):
Page 26
المقصد الأول في صفات القاضي وآدابه التي يستعملها عند التصدي للقضاء وهذا فيه مطلبان
Page 27
[المطلب] الأول (يشترط فيه: البلوغ والعقل والايمان والعدالة وطهارة المولد) بالاجماع المحقق والمنقول (1) في الجميع.
(و) كذا يشترط فيه (العلم) بما يتصدى له من القضاء، علما ناشئا عن الأدلة المتعارفة ، أعني: الكتاب والسنة والعقل، فلا يكفي العلم من أي سبب كان وإن كان حجة على نفسه، إلا أن اطلاق لفظ " العلم " و " العالم " في أدلة اشتراط هذا الشرط من الاجماع والنص، مثل قوله عليه السلام: " رجل قضى بالحق وهو يعلم " (2) ومثل أدلة نصب الفقهاء (3)، وغير ذلك، منصرف إلى غيره، بل هذا شئ معلوم من حال الشارع ضرورة.
Page 29