كتاب القضاء من مؤلفات الأستاذ الأكبر العلامة المحقق شيخ الفقهاء الحاج ميرزا محمد حسن الآشتياني قدس الله سره الشريف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين كتاب القضاء بالمد والقصر وهو لغة لمعان كثيرة منها الخلق ومنه قوله تعالى فقضيهن سبع سماوات اي خلقهن ومنها الحكم ومنه قوله تعالى والله يقضي بالحق اي يحكم ومنها الاتمام ومنه قوله تعالى فإذا قضيتم مناسككم اي أتممتم ومنها الامر كقوله عز وجل وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه أي أمر إلى غير ذلك وفي المسالك انه سمى القضاء قضاء لان القاضي يتم الامر بالفصل ويمضيه ويفرغ عنه وسمى حكما لما فيه من منع الظالم عن ظلمه انتهى وعرفا على ما في الدروس ولاية شرعية على الحكم في المصالح العامة من قبل الإمام (عليه السلام) وعن جماعة منهم الشهيد في المسالك انه ولاية الحكم شرعا لمن له أهلية الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية على أشخاص معينة من البرية باثبات الحقوق واستيفائها للمستحق ولا يبعد كون الأول أولى من الثاني لأعمية مورده من خصوص اثبات الحقوق كالحكم بالهلال ونحوه وكيف كان أصل ثبوته وتشريعه في الجملة مما لا إشكال فيه بل الأدلة الثلاثة من الكتاب والسنة والاجماع دالة عليه بل ربما قيل كما هو الحق بدلالة العقل عليه أيضا من حيث توقف النظام عليه بل لا يبعد دعوى الضرورة عليه فأصل ثبوته مما لا ينبغي أن يرتاب فيه إلا انا نذكر جملة من الآيات والاخبار تيمنا.

فنقول أما الآيات الواردة في باب الحكومة فكثيرة قال الله تبارك وتعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل وقال تعالى يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى وقال تعالى إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله وقال تعالى فإذا تنازعتم في شئ فردوه إلى الله ورسوله إلى غير ذلك.

Page 2

وأما الروايات فقد تجاوزت حد الاستفاضة بل التواتر مثل قول الصادق عليه السلام في خبر أبي خديجة إياكم ان يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه الخ وقوله عليه السلام القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجوز وهو يعلم فهو في النار ورجل قضى بجوز وهو لا يعلم أنه قضى بجور فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة وقول أمير المؤمنين وإمام المتقين (عليه السلام) لشريح يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي أو شقي وقول الصادق (عليه السلام) اتقوا الحكومة إنما هي للامام العالم بالقضاء العادل بين المسلمين كنبي أو وصي إلى غير ذلك من الروايات الواردة في ذلك ثم إن دلالة جملة من تلك الروايات على كون القضاء من مناصب النبي وأوصيائه (عليهم السلام) مما لا إشكال فيه وإنما الاشكال في دلالة الآيات على ذلك وأظهر منها دلالة حسب ما صرح به جماعة أيضا قوله تعالى يا داود إنا جعلناك الآية وقد استشهد بها على كون القضاء منصبا من مناصب النبوة والإمامة وغصنا من شجرة الرياسة العامة وجه الدلالة انه فرع عز وجل جواز الحكومة على كونه خليفة فينتفي بانتفائها وهو المطلوب وفيه أولا نمنع من تفريعه تعالى الجواز على كونه خليفة بل إنما فرع وجوبها على الخلافة حسبما هو قضية ظاهر الامر فلا يدل على انتفاء الجواز لغيرها وثانيا نمنع من دلالتها على وجوبه عليهما فضلا عن دلالتها على انتفاء الجواز للغير لاحتمال أن يكون المتفرع على الخلافة وجوب الحكومة بالحق فيكون المتفرع عليها وجوب الحكومة باعتبار القيد أي بمعنى انك انما (لما خ) جعلناك خليفة فيجب عليك الحكم بالحق فيكون في سياق قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل فيكون الحكم في الآية ناظرا إلى القيد لا القيد والمقيد معا فلا دلالة للآية على أصل وجوبه على الخليفة لكونه واردة في مقام بيان حكم آخر هذا ولكن يمكن أن يجاب عنه بان هنا معنا ثالثا دقيقا يتم بملاحظته الاستدلال وهو أن يكون المتفرع على الخلافة الجواز نظرا إلى ورود الامر مقام رفع الحظر فلا يدل إلا على الجواز على ما هو المحقق في مثله لان الحكم بمعنى إلزام الناس سلطنة عليهم فالأصل عدم جوازه فتدل الآية بمقتضى قضية التفريع المتضمن لمعنى الشرطية في المقام على انتفاء الرخصة في حق غير الخليفة والحاصل ان في الآية احتمالات ثلاثة أحدها أن يكون المتفرع على الخلافة وجوب الحكم بالحق أعني القيد والمقيد فلا دلالة لها على هذا التقدير على انتفاء الرخصة لغير الخليفة ثانيها أن يكون المراد منها تفريع وجوب الحكم بالحق باعتبار القيد فلا دلالة لها على هذا التقدير أيضا على المطلوب ثالثها أن يكون المراد تفريع الجواز على الخلافة بملاحظة كون الأصل في الحكم الحرمة وورود الامر في مقام رفع الحظر فيدل على انتفاء الجواز في حق غير الخليفة إذا عرفت أن في الآية احتمالات ثلاثة فإن لم يكن أحدها ظاهرا أو كان ولكن الاحتمالين الأولين فلا دلالة لها على ما رامه الجماعة من دلالتها على اختصاص القضاء بالنبي ووصيه وكونه من مناصبهما وإن كان الثالث أظهر فيدل على المطلوب والانصاف انه أظهر من الأولين فالآية بذلك البيان من الأدلة على اختصاص الحكم بالخليفة نبيا كان أو وصيا هذا ويمكن أن يستفاد كون الحكم من مناصب الخليفة من لفظها من غير احتياج إلى البيان المذكور بأن يقال إن مقتضى جعل الله شخصا خليفة هو ثبوت جميع ما يجوز له لهذا الشخص فتدل الآية بالنظر إلى لفظة الخليفة بمعونة الأصل المتقدم على كون الحكم من مناصب الخليفة فافهم.

قوله وكذا لا ينعقد لغير العالم المستقل بأهلية الفتوى ولا يكفيه فتوى العلماء الخ.

أقول إنك بعدما عرفت من دلالة جملة من الروايات بل بعض من الآيات أيضا حسبما مر على كون القضاء

Page 3

من مناصب النبي والامام فاعلم أن الاذن عن الأئمة في القضاء لمن جامع شرايط الافتاء معلوم بحيث لا يعتريه ريب ويدل عليه مضافا إلى الأخبار الكثيرة المتقدمة إلى بعض منها الإشارة الاجماع بقسميه محققا منقولا فهذا مما لا اشكال فيه إنما الكلام فيما قد نقل عن بعض أفاضل المتأخرين ومال إليه بعض مشايخنا من جواز القضاء للمقلد فنقول ان الكلام في قضاء المقلد في ثلاث مقامات أحدها فيما لو استقل بالحكم والقضاء ثانيها فيما لو صار منصوبا من المجتهد وبعبارة أخرى في جواز نصب المجتهد كما ينصب الامام ثالثها فيما لو صار وكيلا عن المجتهد والفرق بين هذا المعنى وسابقه مما لا يكاد إن يخفى ثم إن كلامنا في تلك المقامات إنما هو في زمان غيبة الإمام (عليه السلام) وأما زمان حضوره فنصب القضاة منه وكلما فعله فهو حق لأنه معصوم عن الخطأ فلا ثمرة مهمه (1) لنا في البحث عنه.

أما المقام الأول فالحق فيه عدم الجواز لنا مضافا إلى الاجماع المدعى في كلام جماعة منهم ثاني الشهيدين في المسالك البالغ حد الاستفاضة المعتضد بالشهرة المحققة بل عدم الخلاف في المسألة الأصل وتقريره ان القضاء وهو الالزام بغير ما يقتضيه التكليف سلطنة على الملزم غير مجوزة إلا بدليل توضيح ذلك أن إلزام المكلف يكون تارة بما يقتضيه تكليفه كما في موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأخرى يكون بما لا يقتضيه تكليفه إن صار تكليفه بعد اثبات وجوب التزامه بالالزام المذكور.

أما الأول فلا إشكال في جوازه لكل من يتأتى عنه مجتهدا كان أو مقلدا وإن كان مقتضى الأصل الأولي عدم جوازه لكن قد دل العقل والنقل على حسنه كذلك وإن خالف فيه بعضه فذهب إلى اختصاصه بالامام وعدم جوازه لغيره حتى المجتهد لكنه موهون جدا حسبما قرر في محله فلا نزاع لنا فيه فما يظهر من بعض الاعلام من التمسك في المقام بما دل على جواز الالزام بالمعروف والحق لكل آحاد الأنام خروج عن محل الكلام.

وأما الثاني فلما لم يعتبر فيه جهة اقتضاء التكليف فيحتاج في الخروج عن مقتضى الأصل فيه إلى دليل غير ما دل على جواز الالزام بالمعروف.

فنقول ما يمكن أن يصير دليلا للخصم في المقام ومخرجا عن الأصل المزبور ليس إلا أحد أمور ثلاثة على سبيل منع (مانعة خ) الخلو أحدها الآيات الدالة على أصل تشريع الحكم وفصل الخصومة كقوله تعالى وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الخ وقوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله (آه) وغيرهما فإنها باطلاقها شاملة للمجتهد والمقلد كليهما ثانيها ما دل بظاهره على انحصار رفع الخصومة والقضاء بين الناس إذا كانت الشبهة موضوعية بالبينة والايمان لأنه باطلاقه أيضا شامل للمجتهد والمقلد كليهما ثالثها ما دل على نصب القضاة عموما أو خصوصا أما الأمر الأول فالحق عدم دلالته على المطلب أصلا أما قولك انها بمقتضى الاطلاق شاملة للمجتهد والمقلد ففيه أولا انا نمنع من شمولها للمجتهد والمقلد وكونها مسوقة لبيان حال الحاكم من أنه أي صنف من الأصناف لما قد عرفت من أن جل تلك الآيات بل كلها مسوقة لبيان وجوب كون الحكم حقا لا لبيان أصل أصل وجوب الحكم فالاطلاق وارد لبيان حكم القيد أي وجوب كون الحكم حقا وعدلا وبما أنزل الله لا لبيان حكم القيد وقد تقرر في محله ان الشرط في التمسك بالاطلاق عدم وروده لبيان حكم آخر وكون المتكلم في مقام البيان فافهم وثانيا نسلم كون الآيات دالة على جواز الحكم بالحق لكل من عرف الحق من المجتهد والمقلد لكن نقول المراد

Page 4

من الحق هنا هو الحق الواقعي الذي كان معلوما حقيقته عند الحاكم والمحكوم عليه معا وبعبارة أخرى كان الطريق إليه اعتقاد الحاكم والمحكوم عليه لا ما كان حقا عند الحاكم باطلا عند المحكوم عليه الدليل على ما قلنا مع أن مقتضى القاعدة هو مراعاة اعتقاد الحاكم فقط حيث إن الطريق إلى متعلق الخطاب هو اعتقاد من خوطب به أما انصراف الآيات إلى ذلك وظهورها فيما إذا كانت حقيقة المحكوم به معلومة محققة معروفة عند الحاكم والمحكوم عليه فتأمل أو انه لو لم يكن المراد ذلك بل كان المراد ظاهره أي الحق عند الحاكم لما وجب قبوله على المحكوم عليه حيث إنه مخاطب أيضا بعدم قبول الحكم الباطل وحكم الجاهلية والشيطان والمفروض انه بعدما كان اعتقاده مخالفا لاعتقاد الحاكم يعتقد كون حكمه باطلا يجب رده فلا بد من أن يكون المراد من الحق في المقام هو ما ثبت حقيته عند الطرفين أي ما كان مقتضى تكليف المحكوم عليه أيضا فإن شئت قلت إنه كما يجب على الحكام الحكم بالحق ويكون الطريق لهم إليه اعتقادهم كذلك يجب على غيرهم الالتزام بالحكم بالحق وعدم قبول ما كان باطلا ومن المعلوم ان الطريق إلى احراز الحق في هذا الخطاب اعتقاد المترافعين فإنهم مأمورون بالرجوع إلى من كان عارفا بأحكام الله وعالما بها ولا يتنجز هذا الخطاب في حقهم إلا بعد علمهم بكون المرجع حقا.

فان قلت إنه لا داعي إلى صرف الآيات عن ظاهرها بعدما كانت قضية ظاهرها هي كفاية الحقية عند الحاكم نظرا إلى القاعدة المذكورة وما ذكر من أن الداعي إليه هو لزوم التعارض فممنوع فإنه بعدما وجب على الحاكم الحكم بالحق عنده لزم قبوله على المحكوم عليه وإلا لزم لغويته وهذا باب واسع يدخلونه في كثير من المقامات كما ذكروه في آية الكتمان والنفر وغيرهما.

قلت ما ذكر من أنه لو وجب على شخص بيان شئ للغير لوجب على الغير قبوله وإلا لزم اللغوية فإنما هو فيما لم يجب على هذا الغير عدم قبول ما لم يكن حقا عنده وإلا لوقع التعارض فكما أنت تقول إن وجوب الالزام بالحق علي يدل على وجوب الالتزام لما ذكر من اللغوية فنحن نقول أيضا ان وجوب رد الباطل أيضا علينا الذي طريق ثبوته اعتقادنا يدل على قبول قولنا وإلا لزم اللغوية فتأمل.

فان قلت هب ان المراد من الحق في المقام هو ما ثبت حقيقته لكل من الحاكم والمحكوم لكنا نثبت حقية المحكوم به بأدلة البينة والايمان.

قلت أولا إن ظاهر الآيات هو الحق في الحكم الكلي لا الموضوع الخارجي وبعبارة أخرى المراد من الآيات الالزام بحكم الله في مقابل حكم الجاهلية فأدلة البينة غريبة (عرية خ) عن المقام حيث إن الحكم بالبينة والايمان إنما هو في الموضوعات الخارجية دون الأحكام الكلية والمراد من الآيات هو الحكم بالحق في الشبهة الحكمية أي الحكم بما أنزل الله وجاء به ومعلوم ان ملكية زيد وعدمها التي هي مدلول البينة لم يكن مما أنزل الله به.

فان قلت: إن وجوب الحكم بمقتضى البينة أيضا حكم كلي قد ثبتت حقيته بأدلة حجيتها والحكم بخلاف مقتضاها حكم باطل فكيف يقال بعدم تصور الحقية في الحكم الكلي بالنظر إلى البينة.

قلت قد التبس عليك الامر فإنه فرق واضح بين كون الحكم في الواقعة حقا الذي هو المحكوم به للحاكم وبين كون أصل حكمه بمقتضى البينة الذي هو فعل الحاكم حقا والذي ينفع في المقام إنما هو الأول دون الثاني كما لا يخفى وثانيا ان المراد من الحق في المقام هو ما ثبت حقيته مع قطع النظر عن حكم الحاكم وأما ما ثبت حقيته بملاحظة حكم الحاكم من جهة قيام البينة فليس مشمولا للآيات كما لا يخفى فالاستدلال بما دل على حجية البينة في مقام القضاء موهون جدا مضافا إلى ما سيجئ من عدم عموم وإطلاق له بحيث يشمل المجتهد والمقلد.

Page 5

فان قلت سلمنا ان المراد من الآيات الآمرة بالحكم بالحق هو ما ثبت حقيته عند كل من الحاكم والمحكوم عليه لكن هذا المقدار أيضا يكفينا لأنا نفرض الكلام فيما لو كان الحاكم والمحكوم مقلدين لمجتهد واحد فيجوز له من الحكم بالحق كما يجوز للمجتهد.

قلت بعد تسليم كون المراد من الآيات المعنى المذكور يكون مساقها مساق أدلة الأمر بالمعروف فقد عرفت أنه يجوز لكل من يتأتى عنه ذلك مجتهدا كان أو مقلدا وهذا مما لا إشكال فيه بل يمكن دعوى الاجماع عليه إنما الكلام في تأثير إلزام المقلد في وجوب الالتزام على الملتزم من غير أن يقتضي تكليفه ذلك كما في المجتهد والحاصل انه قد يجب إلزام الشخص على شئ من جهة اقتضاء تكليفه الالتزام به مع قطع النظر عن الالزام فيكون وجوب الالزام حينئذ متفرعا على وجوب الالتزام وهذا مما يشترك فيه المجتهد والمقلد بل يجب على كل أحد من باب الأمر بالمعروف والالزام بالحق وقد يجب إلزامه بشئ من غير ملاحظة اقتضاء تكليفه ذلك فيكون وجوب التزامه متفرعا على وجوب الالزام المذكور وهذا هو محل النزاع في المقلد فكل من يقول بجواز حكم المقلد فلا بد من أن يثبت وجوب الالتزام بإلزامه وإن لم يقتضه تكليف الملزم (الملتزم خ) ومعلوم انه لا يكفيه تلك الآيات لأن مفادها وجوب الالزام فيما اقتضى تكليف الملتزم الالتزام به مع قطع النظر عن الالزام المذكور حسبما عرفت من كون المراد بالحق منها هو ما كان حقا عند المحكوم عليه أيضا.

نعم لو صدر هذا الالزام عن التزام (الالزام خ) بما ثبت حقيته عند المحكوم عليه من المجتهد كان حكما أي لا بد من أن يترتب عليه آثار الحكم لما قد دل من جوب الالتزام بإلزامه مطلقا سواء اقتضاه تكليف الملتزم أم لا فالالتزام بالالزام المذكور وان اقتضاه نفس تكليف الملتزم أيضا إلا أن هذه الجهة غير ملحوظة إذا كان الملزم هو المجتهد لما قد دل على وجوب الالتزام بالزامه مطلقا فالحيثيتان وإن اجتمعتا في محل واحد إلا أن المناط فيهما مختلف وأما لو صدر من المقلد فلا يكون حكما بمعنى ان يجب عليه ترتيب آثار الحكم لعدم دليل يدل على وجوب الالتزام بإلزامه مع قطع النظر عن اقتضاء التكليف وإن شئت قلت إن هنا شيئين أحدهما جواز الالزام والحكم للمقلد ثانيهما وجوب ترتيب الأثر عليه وصحته ونفوذه أما الأول فلا يجوز له إلا إذا كان الملتزم به حقا أي اقتضاه تكليف الملتزم مع قطع النظر عن إلزامه ولا يجوز في غيره وأما الثاني فيتوقف على اثبات كون إلزام المقلد بمجرده وإن لم يقتضه تكليف الملزم (الملتزم خ) مؤثرا في وجوب الالتزام وقد عرفت أن الآيات قاصرة عن إفادة ذلك حيث إن قضية ظاهرها كما عرفت هو وجوب الالزام فيما لو كان الملزم به حقا عند المحكوم عليه وما نحن بصدد اثباته ونفيه في المقام هو الثاني وأما الأول فيدل على جوازه للمقلد فيما لو كان الملزم به حقا عند الملتزم كل ما دل على حسن الأمر بالمعروف من الأدلة الأربعة هذا وثالثا نسلم دلالتها على وجوب الالزام بالحق وإن لم يكن ثابتا عند المحكوم عليه لكن نقول بلزوم تقييدها بما دل من الآيات والاخبار التي قد تقدم إلى شطر منها الإشارة على كون القضاء من مناصب الخليفة وغصنا من شجرة رياستها العامة وبعبارة أخرى مقتضى التمسك بتلك الآيات هو كون القضاء حكما شرعيا واجبا على كل أحد ومقتضى غيرها من الآيات والاخبار هو كونه من المناصب العامة للإمام (عليه السلام) محتاجا إلى الاذن منه فبينهما تناف فلا بد من أن يرجع إذا إلى ما دل على الاذن في زمان الغيبة من قبل الإمام (عليه السلام) وانه هل يشمل المقلد أو يختص بالمجتهد فيرجع إلى الأمر الثالث وسيجئ ما عليه من الكلام فلا مناص للاستدلال بالآيات أصلا كما لا يخفى ثم إنه يظهر بما ذكرنا في الآيات حال التمسك بالأخبار الواردة بهذا المضمون فلا نحتاج إلى تطويل في المقال وأما الأمر الثاني ففيه مضافا إلى أخصية تلك الأدلة

Page 6